خاص|| أثر برس وضعت الغسيل في وعاء بلاستيكي كبير، بعد أن كانت فرزت سمر الثياب بين أبيض وملون، وركنتها جانباً وهي تضع الماء الذي سخنته وتضيف إليه مسحوق الغسـيل استعداداً للبدء بغسل الثياب تدريجياً، بدءاُ بالأبيض ومن ثم الملوّن، وكأن عداد التاريخ أخذ قراراً بإعادة السوريين إلى زمان الأجداد وآباء الأجداد عندما كانت النسوة يغسلن على أياديهن أمام المنزل أو على نبع مياه القرية.
عطل صغير في الغسالة، يفتح الباب واسعاً أمام عامل الصيانة “المصلّح” ليشك بعمل عدد كبير من القطع في الغسالة، والتي يبدأ بدفعها للتسلل على مهل إلى حسابات صاحب الغسالة، ويقوم بعملية الجمع الفورية بين كل قطعة وسعرها “جديدة” في السوق أو أن يدبرها “المصلّح” مستعملة.
وتقول “سمر” لـ”أثر”: صدر عن الغسالة صوتاً قوياً في منتصف دورة التشغيل، لكن انتظرت عدة أيام قبل إصلاحها لحين تأمين المال، وبعد مرور 10 أيام حصلنا أنا وزوجي على سلفة من العمل ليخبرنا بعدها المصلح أن فيها أعطال عدة: “كسر في المضخة وكسر في الإكس، كما أن الرومانات لا نعرف إذا كانت تعمل جيداً، بالإضافة إلى قطع أخرى، وتكلف كثيراً خاصة أن جميع القطع غالية، والمستعمل في حال وجد مرتفع الثمن أيضاً ناهيك عن أجرة عمل المصلح”.
وتتابع “سمر”: طلب المصلح سلفة 200 ألف ليأخذ الغسالة إلى محله ويبدأ بفحص القطع وتبديل القطع المعطلة، دون أن يفصح عن الكلفة التقديرية لإصلاح الغسالة بالمجمل، بحجة أنه لا يعرف المفاجآت التي تظهر أمامه أثناء عملية “فرط” الغسالة في المحل.
“لم يخرج مصلح الغسالات من بيتنا قبل أن يمنحنا جرعة تفاؤل كبيرة ويرفع من معنوياتنا إزاء المال الذي دفعناه”، إذ قال: “أشكر ربك أستاذ أن الغسالة اللي عندك قديمة، لأنها إن كانت جديدة لكانت أول سلفة بين 500-700 ألف لأن القطع غالية”، مؤكداً أن الغسالات الحديثة ذات الشاشة الرقمية هي الأكثر أعطالاً حالياُ بسبب وضع الكهرباء.
ولفتت سمر إلى أنه بسبب التقنين الكهربائي الطويل الذي كان معمولاً به في المحافظة (5 ساعات ونصف قطع مقابل نصف ساعة تغذية تتخللها انقطاعات متكررة)، كانت وجبة الغسيل تبقى في الغسالة 3 أيام لتنتهي، واقع الحال الذي قال عنه المصلح أنه يحمل وزن على حوض الغسالة.
وأضافت سمر: “منذ 10 أيام والغسالة معطلة، حتى استطعنا الحصول على السلفة التي نأمل أن تكفي لإصلاح الغسالة ولا نضطر لاستدانة المال، وتابعت: كل يومين أسخن المياه وأغسل ثياب عائلتي على يدي، وأنا أقارن واقع حالنا اليوم بواقع حال أهالينا وأجدادنا في الماضي، حتى دار الزمان بنا ونعيش اليوم واقعهم”.
وأكدت سمر أن إحدى قريباتها تعطلت الغسالة في منزلها منذ 4 أشهر إلا أنها لم تستطع إصلاحها لأن تكلفة صيانتها 450 ألف ليرة، ولم تستطع تأمين هذه المبلغ بأي طريقة، واعتبرت الغسيل على اليد “رياضة” لحين إصلاح الغسالة، مضيفة: الغلاء والوضع الاقتصادي المأساوي الذي نعيشه سيجعلنا نعيش حياة الإنسان الحجري.
صفاء علي – طرطوس