خاص أثر.. حسن سنديان
إذا أردت أن تقرب الصورة إلى ذهنك حول آلية قصف الطائرات الحربية لمواقع تحصينات خصومها، ما عليك سوى تحميل لعبة فيديو مجسمة لكبرى الشركات العالمية التي تختص بانتاج هكذا أنواع من الألعاب الضخمة، وسوف تقود حرباً بلا ذنب وتشعر بنوعٍ من نشوة النصر دون خسائر بشرية أو أخطاء ترتكبها.
فعلاً هذا ماحدث على أرض الواقع عندما استخدمت وزارة الدفاع الروسية صوراً مجسمة من لعبة فيديو قتالية، على أنها مشاهد من عملياتها في البوكمال جنوبي دير الزور ضد تنظيم “داعش”، ما تسبب بموجة عضب عارمة على وسائل التواصل الاجتماعي.
“لعبة فيديو تختصر حجم الدمار بين صفوف “داعش”
سبحة التعليقات كرّت بعدما تداول ناشطون صوراً على أنها لوزارة الدفاع الروسية، قامت بنشرها على حسابها الرسمي على موقع “تويتر” عصر اليوم الثلاثاء 14 تشرين الثاني، قالت إنها مشاهد من عمليات القوات الجوية الروسية، التي تستهدف قوافل تنظيم “داعش” المنسحبة من الضفة الشرقية لنهر الفرات.
وبحسب ناشطون فإن الصور المذكورة تضمنت مشاهد من لعبة “ac 130 gunship simulator” القتالية، ما دعا وزارة الدفاع إلى حذفها على الفور، بعد ما انهالت عليها الانتقادات الواسعة من قبل رواد هذه اللعبة من جهة، وناشطو تويتر وفيس بوك من جهةٍ أخرى.
فيما كتبت تحذيرات باللغة الإنكليزية جاء فيها “هذا عمل رائع ولكن من الأفضل حذف الصورة التي أخذت من لعبة كمبيوتر بأسرع وقت”، يقابله المحلل الجيوسياسي في الشرق الأوسط، مايكل هورويتز، الذي نشر تغريدة عبر حسابه الرسمي في “تويتر” قائلاً: “إن الصورة الأخرى التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية، مأخوذة من القصف على الفلوجة العراقية عام 2016”.
“تناقضات وسجالات حول صحة الصور”
بعض وسائل الإعلام العربية تناقلت الخبر على أن مصدره وزارة الدفاع الروسية، والبعض قال إنها لعبة لا أكثر ولا أقل، وبدأت الوسائل تنسب الخبر إلى بعضها البعض وكأنه قنبلة يدوية لايريد أحد الإمساك بها.
فيما لم تصدر الوزارة إلى حد الأن أي توضيح بشأن الصورة التي تبنتها، ولكن ما أثار الجدل والانتقاد أن الفيديو، كتب عليه من الأسفل اسم اللعبة باللغة الانكليزية، كما أن صوت من يدير العمليات وينقل احداثيات الأهداف بالانكليزية أيضاً، إلا أن شكل الصورة الخارجي لعملية الاستهداف كتبت باللغة الروسية، فضلاً عن مشاهد هروب المسلحين من الآليات عند احتراقها، فما هو الدليل على صحة هذه المشاهد، ربما علينا انتظار تصريح آخر للدفاع الروسية.
“اتهامات أمريكية روسية والرهان على داعش”
قبل نش هذه الصور من قبل موقع الوزارة، كررت روسيا تحذيراتها للولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية، واتهمتها بتسهيل نقل أسلحة كيميائية لتنظيم “داعش” نحو دير الزور، كما اتهمتها بتحريض “هيئة تحرير الشام جبهة النصرة وحلفائها” على بدء معركة حماة، ومؤخراً بمحاولة طمس آثار قصف “التحالف” لمدينة الرقة، فهل فعلاً قصفت المقاتلات الروسية مسلحي “داعش” أم أنها لعبة فعلاً؟
يقابله ذلك عمليات التحالف الدولي السرية التي كشفتها هيئة الإذاعة البرريطانية “بي بي سي” في تقريرٍ لها بعنوان “سر لا يرغب التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية الاعتراف به”، الذي تحدث عن عمليات “التحالف” بنقل المئات من مسلحي تنظيم “داعش” وعائلاتهم، الذين كانوا محاصرين في مدينة الرقة إلى مناطق أخرى من سوريا، وفق اتفاق تم بينهم وبين “قوات سوريا الديمقراطية”، وهو أمر تصر تلك الجهتان على نفيه، والذي وصفه التقرير بــ”سر الرقة القذر”.
إلا أن التقرير نقل أيضاً عن سائق إحدى الشاحنات التي كانت ضمن قافلة خروج مسلحي التنظيم من الرقة، تأكيده أن الرحلة بدأت في الـ12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، واستمرت 3 أيام، ونقلت كذلك أطناناً من أسلحة وذخائر التنظيم.
ولكن هل الحرب في سوريا مجرد لعبة حقاً يدفع ثمنها الناس؟، أم أنها تسوية بين قوى عظمى ومساومة على القضاء على الإرهاب أي “داعش” و”النصرة” الذي صوت بالاجماع عليه في مجلس الأمن الدولي ضمن القرار 2249 ؟.