أثر برس

المحميات الطبيعية في الشرقية.. ما حالها بعد سنوات الحرب؟

by Athr Press G

خاص || أثر برس

لم تبق الحرب التي تشهدها سوريا على المحميات الطبيعية خارج خارطتها، الفصائل المسلحة التي نهبت ما استطاعت من مقدرات الدولة السورية لم توفر الحيوانات التي كانت مشمولة بنظام الحماية، فاختفت قطعان الغزلان من  المحميات التي كانت في المنطقة الشرقية، ولعل الغطاء الشجري كان عاملاً في تحول بعض هذه المحميات إلى نقاط وبؤر لانتشار الفصائل المسلحة التي تبادلت السيطرة عليها على امتداد سنوات حرب السنوات الثماني

الكرين.. محمية نهبتها الحرب

يتذكر محمد “محمية الكرين” بالكثير من الصور الجميلة، فالمحمية التي كانت تعد واحدة من أهم المقاصد السياحية في محافظة الرقة، كانت تحتوي على عدد ضخم من الغزلان قبل أن يدخل تنظيم “جبهة النصرة” ومن بعدها “داعش” إلى الريف الجنوبي الغربي لمحافظة الرقة، وينقل الشاب الثلاثيني عن سكان المنطقة تأكيدهم بأن الغزلان اختفت من المحمية بعد عمليات صيد من قبل مسلحي التنظيمين الذين تعاقبا على المنطقة، فحفلات الشواء التي كان يقيموها كانت من أسباب جوع أهل المنطقة، والتي كانت عامرة بلحوم الغزلان.

المحمية تقع ضمن منطقة بحيرة الأسد المشكلة خلف “سد الفرات”، وهي على شكل شبه جزيرة، وترتبط بضفاف البحيرة بطريق معبد بطول /2/كم، وتبعد عن الطريق العام الواصل بين “حلب ـ الرقة” بحدود /9/كم، وتبعد عن الرقة نحو 65 كم، وتبلغ مساحتها /590/ هكتاراً، وتضم المحمية “جزيرة عاي – قسم خاص و معزول لتربية الغزلان – موقع بنات أبي هريرة الأثري” وتحتوي على تنوع نباتي واسع.

تعتبر عزلتها عن بقية أجزاء المحافظة بكونها جزيرة لا ترتبط مع البر إلا بالطريق الرئيسي لها، فكانت هذه الجزيرة المكان الأهم بالنسبة لتنظيم “داعش” لتكون معسكراً لتدريب مسلحيه من الصينين المنحدرين من أقلية “الإيغور” مع دخولهم في بداية العام 2014، ومن ثم تحولت الجزيرة إلى معسكر لأطفال “داعش” الذين يسميهم التنظيم بـ “أشبال الخلافة”، وحمل هذا المعسكر اسم “أبو مصعب الزرقاوي”، وهو مؤسس تنظيم “القاعدة في العراق”، الذي يعد اللبنة الأولى التي تأسس عليها “داعش”.

تسيطر حالياً “قوات سوريا الديمقراطية” على المحمية، لكنها خالية من الغزلان، كما تعرضت الأشجار التي كانت فيها لأضرار مادية كبيرة نتيجة لعمليات “التحطيب الجائرة” التي مارستها المجموعات المسلحة المتعاقبة على مدينة الرقة، وتحاول “قسد” ترميم بعض من الخراب الذي لحق بالمحمية لتفعيلها في العمل السياحي، إلا أن بعض المصادر تتحدث عن حاجة المحمية لتمويل حكومي كبير لتعود كما كانت.

 جبل عبد العزيز.. المحمية المحتلة

إلى الجنوب الغربي من مدينة الحسكة بحوالي 35 كم، تقع محمية “جبل عبد العزيز”، وهي منطقة تبلغ مساحتها الإجمالية 84050 هكتاراً،‏  وهو سلسلة جبلية طولها 90 كم من، وبعرض 8-15 كم تقريباً، تتخللها مجموعة من التلال مختلفة الارتفاعات،‏ كما إن الجبل يحتوي على مجموعة من الوديان تعرف شعبيا بـ “الثنايا”، وأبرزها “ثنية مغلوجة – ثنية الجفر – ثنية البديع – ثنية الحجل”، ويضم أربعة ينابيع وعيون هي “مغلوجة – الخزنة – الغرة – العلاجة”.

سُجل الجبل كمحمية لاحتوائه على مجموعة من الثدييات والطيور النادرة المهددة، فمن الثدييات هناك “الذئب  – الضبع المخطط – الثعلب – القط البري – الأرانب”، ومن الطيور: الشوحة المصرية والشوحة السوداء وشوحة كريفون – الحجل – الباشق والنسر – الرخمة -البوم – الحمام – القبرة – الهدهد – الوروار- الغراب – الدرغل – القطا”، بالإضافة إلى عدد من الزواحف والحشرات، وأنشئت في جبل عبد العزيز محمية لتربية الغزلان في موقع مغلوجة على مساحة خمسة هكتارات، وتندرج هذه المحمية في المشروع الحكومي الذي أطلق قبل الحرب بهدف حفظ التنوع الحيوي وإدارة المحميات الطبيعية الذي يضم ثلاثة مواقع هي الفرنلق وأبو قبيس وجبل عبد العزيز، إضافة إلى إعادة الغطاء النباتي إلى سابق عهده، وإعادة الحيوانات والطيور البرية والمحافظة عليها من الانقراض.

ويقول “أبو علي” الذي لم يغادر سكنه في “مغلوجة” برغم المعارك التي شهدتها: “إن المحمية تعرضت لتخريب كبير من قبل المسلحين المتعاقبين على المنطقة، البداية كانت مع “جبهة النصرة” التي قامت بالسطو على الجزء الأكبر من قطيع الغزلان، في حين أن تنظيم “داعش” الذي احتل المنطقة في العام 2014، سرق ما تبقى من القطيع إضافة إلى قتله عدد كبير من الحيوانات التي كانت مشمولة بنظام الحماية كـ “الضباع – الذئاب – الثعالب – القط البرّي”، ودخلت هذه الحيوانات ضمن تجارة الفرو الذي كان يهرب إلى تركيا بأسعار كبيرة”.

وحالياً تنتشر مجموعات من القوات الأمريكية في قلعة السكرية كنقطة اتصالات ومراقبة للمثلث الصحراوي الواقع بين محافظات “الحسكة – الرقة – دير الزور”، وبحسب الأهالي فإن عناصر “الوحدات الكردية” والقوات الأمريكية تقوم بممارسة الصيد الجائر في هذه المحمية، يضاف إلى ذلك عمليات التحطيب الجائر في الغابة الصناعية في قرية “مغلوجة”، التي كانت مقصداً سياحياً في زمن ما قبل الحرب السورية، إضافة إلى أنها كانت تشهد في الأول من شهر نيسان من كل عام تظاهرة كبيرة لـ “الآشوريين” بمناسبة عيد رأس السنة وفقاً للتقويم الآشوري القديم.

محمود عبد اللطيف – المنطقة الشرقية

محمية الكرين في الرقة

محمية الكرين في الرقة

 

محمية جبل عبد العزيز في الحسكة

محمية جبل عبد العزيز في الحسكة

 

اقرأ أيضاً