أثر برس

المدخول الشهري من التسول يضاهي مهناً كثيرة.. “أثر” يرصد بعض الحالات في دمشق

by Athr Press G

خاص || أثر برس بالقرب من أي إشارة ضوئية في العاصمة دمشق، أو تحت منطقة “جسر الرئيس”، ينتشر عدد كبير من المتسولين الذين تتعدد الطرق التي يستخدمونها للحصول على المال من المارة، خاصة الأطفال الذين يصرون على ملاحقة الشخص حتى يمنحهم أي مبلغ مالي، ولا تبدو  ظاهرة  التسول قابلة للانتهاء أو المعالجة في ظل تزايد عدد المتسولين.

تحمل “أم محمد”، طفلاً في الأشهر الأولى من عمره وتقف بالقرب من “إشارة الإسكان” على “أوتوستراد المزة”، لتطلب بشكل مستمر من المارة “حق حليب” للطفل الذي تدعي أنه ابنها، وترفض أن تكشف عن قيمة الدخل اليومي الذي تحصل عليه من التسول، لكن مراقبة نشاطها لما يقارب 15 دقيقة يشير إلى أنها حصلت على مبالغ مالية من 10 أشخاص، وبتقدير أن متوسط المبلغ الذي تحصل عليه من كل فرد هو 500 ليرة سورية، فإن ساعة من العمل تكفي للحصول على مبلغ 20 ألف ليرة سورية، وبالتالي فإن العمل لمدة عشر ساعات سيعني مبلغ يصل لـ 200 ألف ليرة في أقل تقدير، وبمعرفة أن “أم محمد” لا تمنح نفسها أي يوم عطلة فإن متوسط دخلها الشهري يصل لـ 6 ملايين ليرة سورية.

فيما تكشف لـ”أثر” إحدى المتسولات التي تحمل طفل رضيع ويسير إلى جانبها طفل آخر، أن عدم حمل المارة للأوراق النقدية من فئتي 500 و 1000 ليرة يصب في صالحها، وتقول السيدة التي تتخذ من “إشارة الأكرم” مكاناً لعملها، إن غالبية من يمنحوها المال يعطوها أوراقاً من فئتي 2000 أو 5000 ليرة، فهم لا يحملون غيرها، مضيفة أن مبلغ 100 ألف ليرة هو وسطي ما تجمعه خلال ساعتين أو ثلاث ساعات، وتبقى في عملها حوالي عشر ساعات تبدأ من فترة الظهيرة وحتى ساعة متأخرة من الليل، وبالقياس على كلامها فإن متوسط ما تجمعه يومياً، يزيد عن 300 ألف ليرة سورية، وهي أيضاً لا تستريح في أي من أيام الأسبوع، ما يعني أن دخلها الشهري قد يصل لـ 9 ملايين ليرة، وهي تسرد قصة تبدو “كليشيه”، أو مكررة عند الكثير من المتسولات، فهي زوجة لرجل عاجز لا يقوى على الحركة ولديها أولاد، لكن المستغرب في روايتها أن “العاجز المصاب بشلل رباعي”، تمكن من إنجاب الرضيع الذي تحمله كوسيلة للتسول.

“حسين”، رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة يجلس على كرسي متحرك تحت جسر الرئيس، وأحيانا يبدل مكان تواجده للبحث عن “الصدقات”، وبعد رفضه الحديث عن عمله في التسول، كان خيار مراقبة عمله من بعيد هو الخيار الأمثل لمعرفة متوسط دخله خلال فترة 30 دقيقة، وناهز المبلغ الذي جمعه حوالي 75 ألف ليرة سورية، ما يعني أن ساعة العمل بالنسبة له تصل لـ 150 ألف ليرة سورية، وبفرض عمله لمدة 10 ساعات فإن دخله قد يصل لـ 1.5 مليون، ما يعني أن دخله يصل لمبالغ ضخمة شهرياً، مستغلاً إعاقته لجمع الأموال من المارة، وبمعرفة أن دخله سيزيد عن 40 مليون شهرياً، فإن الأمر لا يشير إلى احتياج نهائياً.

المعلومات التي وردت في هذا التقرير هي تقديرات لما يحصل عليه المتسولون من الأموال من خلال مراقبة عملهم لفترات زمنية قصيرة، وفي أي من الأحوال فإن أي من المتسولين لا يكشف عما يحصل عليه من أموال يومياً، لكن بعض من الأطفال الذين يعملون في التسول يعترفون بحصولهم على مبالغ ما بين 150-200 يومياً، إذا كان “الشغل جيد”، وهذا يعني وجود مارة في الطريق مع طقس يساعد على التسول، وغالبية هؤلاء الأطفال يعترفون أنهم وأخوتهم يعملون في هذه المهنة، وكل عائلة من عوائلهم تمتلك من 3-4 أطفال يعملون بالتسول، ويدفعون ما يحصلون عليه لذويهم الذين غالباً ما يكونون “أمهات” بفعل غياب الأب في كل روايات الأطفال لكونه “مفقود – متوفى – عاجز”، لكن دخل يومي يتراوح بين 450 – 600 ألف لأسرة يعمل ثلاثة من أطفالها بالتسول، سيعني دخلاً شهرياً يتراوح بين 13.5 – 18 مليون ليرة شهرياً.

اقرأ أيضاً