زياد غصن || خاص أثر برس
ناقشت الحكومة مؤخراً مسودة قانون جديد يهدف إلى إعادة هيكلة المصارف العامة القائمة، ووضع نظام جديد لتأسيس المصارف العامة محوره إخراج هذه المصارف من سلطة القوانين والأنظمة المطبقة على القطاع العام، وإخضاعها لقانوني الشركات والتجارة، كما هو حال الشركة السورية للاتصالات.
ووفق مسودة القانون الذي حصل موقع “أثر برس على نسخة منه، فإن المادة الأولى تنص على “إحداث مصارف عامة في الجمهورية العربية السورية بموجب هذا القانون على شكل شركات مساهمة مغفلة تملك الدولة، ممثلة بالخزينة العامة “كامل أسهمها”، على أن تخضع وفق ما جاء في المادة الثالثة لقانون الشركات وقانون التجارة ما لم يرد خلاف ذلك في هذا القانون، كما وتخضع لرقابة وإشراف مجلس النقد والتسليف ومصرف سوريا المركزي وفقاً لأحكام القانون رقم 23 لعام 2002 وتعديلاته.
في تعليقه على مشروع القانون، يشير قاسم زيتون المدير العام السابق للمصرف الصناعي الحكومي إلى أنه “في العام 2018 تمت مناقشة مشروع قانون خاص لإدارة المصارف العامة في المجلس الاستشاري التابع لرئاسة مجلس الوزراء، وكنت حينها ممثلاً عن المصارف العامة في المناقشة، لكن هيئة تخطيط الدولة تحفظت على المشروع المذكور، معتبرة أن المشروع الأفضل يكمن في تحويل المصارف العامة إلى شركات مساهمة مملوكة أسهمها بالكامل من قبل الدولة، والمصارف لم توافق في حينها على ذلك بسبب فشل تجربة مؤسسة الاتصالات”.
وبحسب ما يشير الدكتور جمعة حجازي مدير المرصد العمالي للدراسات والأبحاث فإن هناك جملة تساؤلات تثار حول مشروع القانون رغم أهمية ما ورد فيه، منها مثلاً ما يتعلق بالمبررات التي دفعت الحكومة لاختيار هذا الشكل من دون غيره، بمعنى هل تحويل المصارف العامة إلى شركات مساهمة مغفلة سيساهم فعلاً في تخليص تلك المصارف من الأعباء الإدارية التي تعوق عمله، كيف يمكن التحقق من ذلك، وماهي المعايير التي يجب أن تتبع في التقييم؟ ثم هل ستبقى المصارف العامة بعد إعادة هيكلها وفق مشروع القانون المطروح تحتفظ بالمزايا الاحتكارية الممنوحة لها حالياً من توطين رواتب العاملين في الدولة وتمويل بعض المشاريع التنموية وغير ذلك؟ وماذا عن الدور الاقتصادي الاجتماعي الذي لطالما لعبته المصارف الحكومية، هل ستتخلى الدولة عن الدور الاجتماعي للمصارف العامة؟
ويضيف الدكتور حجازي قائلاً : “ألا ليس من المنطقي اختيار طريقة التحول التدريجي بدل التحول بالصدمة كما حدث مع مؤسسات الاتصالات، والتي لم تقيم تجربتها حتى الآن، بحيث يمكن اللجوء إلى تطبيق مشروع رائد على أحد المصارف العامة لتقييم التجربة أولاً بدل الانتقال الكلي لشكل إداري جديد لم يتم تقيمه في أي مؤسسة مشابهة، لاسيما وأن قرار التحول لم يستند إلى دراسات مستفيضة من قبل شركات دراسات وتقييم. وفي حال وجود مثل ذلك التقييم أو الدراسة لابد من عرضها على المؤسسات والجهات المرجعية للاطلاع عليه وإبداء الملاحظات”.
ويخلص إلى نتيجتين، الأولى أنه هناك ليس أي هدف اقتصادي تنموي في المصارف المقترحة، سوى المرونة في العمل واتخاذ القرارات الحيادية الربحية، وحتى هذا هو غير مؤكد التحقق لأسباب عدة. والثانية أنه لماذا لا تطبق أحكام مشروع القانون هذا على المنشآت والمؤسسات الحكومية الإنتاجية المتعثرة أو الخاسرة؟ ولماذا تم اختيار التطبيق ليكون على المصارف، والتي هي رابحة والحصول فيها على المكافآت والمزايا أضمن من دون بذل جهود استثنائية!