رغم كل التطورات التي تشهدها مناطق شرق الفرات السوري من زيادة في الوجود العسكري الروسي وحالة الرفض الشعبي للواقع المفروض في تلك المناطق، يواصل بعض الأكراد تمسكهم بالخيار الأمريكي رغم أن العديد من تجاربهم أثبتت لهم عدم فاعليته.
فمع كل تطور تشهده المنطقة تذهب بعض القيادات الكردية بتصريحاتها لمهاجمة دمشق وحلفائها حيث رأت الرئيسة التنفيذية لـ”مسد”، إلهام أحمد، في جلسة حوار في مدينة القامشلي أن «موسكو فشلت في لعب دور الضامن بينهم وبين دمشق، ولم تستطع التأثير في هذا المسار”، وتزامنت تلك التصريحات مع تصريحات مماثلة للقائد العام لـ”قسد” مظلوم عبدي قال فيها إنهم “يتواصلون أمنياً مع دمشق لأجل الحفاظ على أمن المنطقة، لكن لا يوجد أيّ تواصل أو تنسيق سياسي”.
لهجة التصعيد التي تتحدث فيها بعض القيادات الكردية تعكس بصورة أو بأخرى حالة من الطمأنة الأمريكية ببقاء قواتها في تلك المناطق وقد تكون جاءت بعد الزيارة الأخيرة للمبعوث الأمريكي الخاص في سورية جيمس جيفري في نهاية سبتمبر الفائت والتي قال خلالها جيفري بأن القوات الأمريكية لن تنسحب من سورية في القريب العاجل دون النظر إلى الأهداف الدعائية من تلك التصريحات في ظل التوتر الحاصل في الداخل الأمريكي.
وبالتوازي مع استناد بعض القيادات الكردية على خيار الولايات المتحدة يبدو أن تلك القيادات تحاول ترتيب المشهد الداخلي ضمن مناطق سيطرتها من خلال امتصاص غضب العشائر العربية باتخاذ خطوات عملية كان آخرها يوم الخميس عندما قامت بالإفراج عن أكثر من 600 موقوف سوري كانوا معتقلين لديها بتهم متعددة.
تلك الإجراءات التي بدأت “قسد” باتخاذها تعكس مدى تأثير المقاومة الشعبية على بنيتها الداخلية في تلك المناطق لذلك بدأت تقوم بمثل تلك الإجراءات ظناً منها بأنها ستؤثر بذلك على حالة السخط الشعبي التي باتت تعم مناطق شرق الفرات السوري، لكن وبمقابل ذلك تدرك قياداتها بأن حالة السخط هذه ستبقى وتستمر في ظل استمرار سرقة حقول النفط من قبل قوات الاحتلال الأمريكي وحرق محاصيل القمح لضرب الاقتصاد السوري.
يبدو أن القيادات الكردية قد نست أو تناست بأن الجيش السوري هو من أوقف الاجتياح قبل عام، وبأن الولايات المتحدة قد تركت الأكراد ليواجهوا بمفردهم طائرات إف 16 التركية، ورغم ذلك لا تتوقف التسريبات الأمريكية التي تتحدث دوماً بأن الوجود الأمريكي في سورية لن يدوم طويلاً وفي أحد التسريبات قبل أشهر كشف مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون بأن ترامب قال إنه لن يبقى سورية وأنه “لا يحب الأكراد” وبقاء القوات الأمريكية مرتبط بمصلحة قومية أمريكية فقط.
قد يكون على القيادات الكردية أن تدرك بأن الولايات المتحدة ليست كفيلة بأن يُتكل عليها وبأن إخراج بعض أبناء العشائر العربية لن ينهي الانتفاضة الشعبية ضدها فالحل الوحيد لعودة الهدوء إلى مناطق شرق الفرات السوري هو الدولة السورية التي كان يتعايش فيها العرب والكرد جنباً إلى جنب.