ثمّة جملة من الملفات السوريّة التي يتم التباحث حولها في كواليس الأروقة العربية والأممية، منذ أن قررت الدول العربية وعلى رأسها السعودية، القيام بدور قيادي يتناغم مع المسار الأممي الذي يواصل فيه المبعوث إلى سوريا غير بيدرسون جهوده للوصول إلى حل سياسي للأزمة السوريّة.
ويحاول المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون بالتوازي مع اتساع دائرة الانفتاح العربية حول سوريا في الآونة الأخيرة، من جهة، وسعي موسكو وطهران للمضي في مسار التقارب بين دمشق وأنقرة من جهة أخرى، استثمار تلك التطورات في تثبيت حلّ للأزمة السوري وفق مبادرته “خطوة مقابل خطوة”، ولا سيما بعد استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، في ظلّ تعثّر المسار الأممي واجتماعات “اللجنة الدستورية”.
وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في ختام قمة جدة العربية التي انعقدت في 19 أيار الجاري، إذ قال حينها، إنّ “السعودية ستتواصل مع الشركاء الغربيين لتبديد مخاوفهم”، مضيفاً: إنّه “جرى الاتفاق مع الحكومة السورية على تطبيق خطّة “خطوة مقابل خطوة”.
وفي هذا الصدد، يشير مصدر دبلوماسي سعودي، في حديث إلى صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أنه “من دون إحداث توازن بين الغرب وروسيا والدور العربي، وتبديد مخاوف دمشق، فإن ما سيقدّمه العرب قد يقتصر على عودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، وتوزيع بعض المساعدات في مجالات ضيّقة ومحدودة الاستدامة والتأثير”، لافتاً إلى أنه “في انتظار تحقّق ذلك التوازن، تسعى الرياض حالياً لأن تكون بمنزلة الوسيط بين دمشق والغرب”.
وعن الانخراط الأممي في المسار العربي، قال مصدر في الأمم المتحدة، إنّ “بيدرسون خلال اتّصالاته مع وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن أخيراً، تناول تحريك المسار السياسي كجزء من مبادرة خطوة مقابل خطوة، وأولى تلك الخطوات بحسب طرحه، استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية”، مضيفاً: إنّ “الأمم المتحدة تسعى لكي تكون جزءاً فاعلاً من المسار العربي، وأن لا تكرّر تجربة مسار أستانة التي كانت شبه غائبة عنها، وأحياناً غير مرحَّب بها”، وفقاً لما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية.
وفي السياق نفسه، أكدت مصادر دبلوماسية عربية وأممية للصحيفة، أنّه “يتمّ طرح فكرة استئناف عمل اللجنة الدستورية كبادرة حسن نيّة من الأطراف المختلفة، بالإضافة إلى تفعيل المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة، الذي يعاني حالياً حالة ركود، ولا يُعدّ أولوية في المبادرة العربية، التي تأخذ في الاعتبار متغيّرات الواقع والظروف، التي جعلت القضية السورية في حاجة إلى شكل جديد من التسوية، فيها روح القرار الدولي 2254، وليس حرفيّته”.
وترى الصحيفة، أنّ التحدّي الأكبر أمام السوريين يتمثّل في كسر خطوط التماس في الداخل، وفتح الجغرافيا السورية بعضها على بعض، وحلّ مشكلة السلاح والمسلّحين في الشمالَين الشرقي والغربي، فيما يمثّل بمجمله مهامَّ معقّدة وصعبة، خصوصاً أن مبادرة “خطوة مقابل خطوة” تدعو إلى حلّ تلك المشكلات بطرق سلمية، لافتةً إلى أن الحلّ يتطلّب تغييرات سياسية داخلية في سوريا، وفي هذا السياق تؤكد مصادر الصحيفة أنّ “دمشق تبدي انفتاحاً على توسيع مفهوم اللامركزية الإدارية في سوريا، وتعزيز دور الإدارات المحلّية في الحكم، وهو ما تحاول المبادرة العربية استثماره في مسار الوساطة التي تقودها بين دمشق والغرب.”
يشار إلى أن الاستحقاق الرئيس لاختبار النوايا في المرحلة المقبلة، ومعرفة مدى قدرة العرب على إحداث خرق في الاستعصاء القائم في الملفّ السوري، يتمثّل في وضع حدٍ للعقوبات الأمريكية ضد سوريا، التي تريد رفعاً كاملاً للعقوبات، في وقتٍ تواصل فيه واشنطن عقوباتها، إذ إنّ وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت، أمس الثلاثاء، فرض عقوبات على شركتي “الفاضل” و “الأدهم” للصرافة، زاعمةً أنّ “شركتي الصرافة ساعدتا الحكومة السورية على إمكانية الوصول للنظام المالي الدولي في انتهاك للعقوبات الدولية”.
أثر برس