خاص || أثر سبورت
باتت ظاهرة إقامة الممر الشرفي للفريق الفائز بلقب في كرة القدم من أكثر الظواهر إثارة ومتعة في السنوات الأخيرة، حيث يقوم لاعبو الفريق الذين سيواجهون الفريق المتوج باللقب بعد أول مباراة على تتويجه بالوقوف في صفين يمر بينهما اللاعبون الفائزون ويتلقون تحية منافسهم أثناء دخولهم لأرض الملعب.
والممر الشرفي ليس أمراً ملزم وإنما هو تقليد أو عُرف، كنوع من التكريم على الإنجاز ويهدف إلى تعزيز الروح الرياضية، مثله مثل عادة المصافحة قبل اللقاء بين اللاعبين أو بعد اللقاء بين المدربين وسواها من الأعراف التي تؤكد على البعد الأخلاقي لرياضة كرة القدم عموماً، كما أنه برتوكول يهدف في صورته الأسمى إلى نبذ التعصب وبث روح المنافسة الشريفة، وتحية البطل لا تعني إهانة الفريق المقابل بقدر ما تمثل عرفاناً بتميزه واستحقاقه لما وصل إليه، وغالباً ما يتم ذلك بعد أول مباراة يحقق فيها الفريق لقب الدوري.
تاريخ الممر الشرفي:
أول من أطلق أو أوجد فكرة الممر الشرفي هم الإنكليز الذين يقولون أنهم أول من أوجدوها، وكان ذلك بحسب صحيفة (الديلي ميل) البريطانية عام 1955، حيث قام لاعبو مانشستر يونايتد بإقامة ممر شرفي للاعبي تشيلسي، ووقتها لم يكن هناك تنافس جدي بين الفريقين، وذلك بعد الجولة التي فاز بها البلوز باللقب وجاء ذلك بطلب من المدرب الشهير لليونايتد السير مات بوسبي، وكان من الصدف أن يعاد نفس المشهد بعد 50 عاماً وتحديداً عام 2005 حين فاز تشيلسي باللقب للمرة الثانية في تاريخه، ولكن في ظل عداء مستحكم كروياً بين الفريقين.
قصص ومفارقات:
أما في إسبانيا فكان أول ممر شرفي عام 1970 عندما توج أتلتيكو مدريد باللقب واصطف لاعبو أتلتيكو بلباو لتحيته.
وتعتبر إسبانيا أكثر دولة تعيش حالات متناقضة وقصص مثيرة عن الممـر الشرفـي ومرّ بحالات بين الرفض والقبول، وفي أحيان كثيرة يُقام من أجل الانتصار للروح الرياضية رغم كراهية القيام به، كما تشير تصريحات بعض المدربين واللاعبين، فالفيردي مدرب فريق برشلونة قال في موسم 2017 إن الممر الشرفي فقد جوهره، وذلك بعدما رفض النادي الكاتالوني إقامة ممر شرفي للاعبي فريق ريال مدريد عقب تحقيق الأخير لقب بطولة كأس العالم للأندية، بحجة أن البطولة لم يشارك فيها فريق برشلونة.
رد الريال لم يتأخر على البرسا عندما رفض مدربه زين الدين زيدان إقامة ممر شرفي للبرسا بعد فوز الأخير ببطولة الدوري عام 2018.
أما آخر ممر شرفي أقامه الفريقان لبعضهما فيعود لعام 1988حين وقف لاعبو برشلونة في “الكامب نو” مشكلين هذا الممـر للاعبي ريـال مدريد بعد حسمهم للقب قبل الكلاسيكو في ذلك الموسم، ليرد لاعبو مدريد الدين للبرشلونيين في عام 1991 في “سنتياغو برنابيو”.
وكان آخر ممر شرفي حدث في تاريخ الفريقين حين عاد لاعبو البرسا للوقوف أثناء دخول لاعبي الغريم التقليدي أرض الملعب عام 2008 في كلاسيكو جمعهما على ملعب “سنتياغو برنابيو” القلعة التاريخية للفريق الأبيض في أيار 2008، وحينها تعمد ثلاثي فريق برشلونة الإسباني، ديكو وماركيز وهنري الحصول على بطاقات صفراء في مواجهة فريقهم السابقة أمام فالنسيا التي كسبها الفريق الكتالوني بنتيجة كبيرة 6 – 0 وذلك لتجنب اللعب في تلك المباراة رغبة في عدم المشاركة في الممر الشرفي الذي سيقيمه برشلونة.
ولن يقف لاعبو أتلتيكو مدريد في ممر شرفي خلال لقائهم اليوم مع ريال مدريد الفائز بلقب الدوري الإسباني قبل عدة جولات على نهايته رداً على عدم وقوف الريال لهم عام 2014 عندما توج أتلتيكو مدريد باللقب.
وبالعودة لإنكلترا فقد وقف الإسباني بيب غوارديولا ولاعبو فريق مانشستر سيتي في ممر شرفي لفريق ليفربول ومدربه الألماني كلوب الذي حقق لقب الدوري الإنجليزي، وسط منافسة مع مانشستر سيتي الذي قال مدربه غوارديولا: “سنفعل ذلك لأنهم يستحقون حقاً”.
الفتوة يكرم تشرين:
أما على الصعيد المحلي، فقد قام فريق الفتوة مساء أمس السبت بتكريم فريق تشرين الفائز باللقب قبل جولتين من نهايته بإقامة ممر شرفي للاعبيه تقديراً منهم واحتراماً لهم لما قدموه طيلة الموسم وتوجوه في النهاية بالفوز باللقب الخامس في تاريخهم والثالث على التوالي.
ولم يقدم فريق الجيش على هذه الخطوة في المرحلة السابقة عندما تواجه الفريقان في دمشق، وفاز الجيش بأربعة أهداف لهدف ويبدو أن تشرين علم بعدم نية الجيش بفعل ذلك فأشرك فريق من الشبان والبدلاء.
وفي الموسم الماضي، أقام فريق شباب تشرين ممراً شرفياً لشباب أهلي حلب الفائز باللقب في المباراة التي جرت بينهما في اللاذقية، حيث اصطف لاعبو شباب تشرين في صفين متقابلين لتحية شباب الأهلي وسط تصفيق الجمهور.
الرياضة مكان للتحابي:
البعض يريد تحويل فكرة وُلدت للاعتراف بأحقية البطل بما حققه من إنجاز إلى ثمن يُسدَد علناً بواسطة المنافسين، ممزوجاً برائحة الإذلال ولا يمكن أن يكون الهدف الرئيسي خلق توتر وخلخلة الأجواء.
ومن أجمل ما قيل لنختم به موضوعنا عن الممر الشرفي ما قاله كيكي سانشيز فلوريس، أحد أهم مدربي أتليتكو مدريد في العصر الحديث والظهير الأيمن السابق لريال مدريد والمدير الفني الحالي لخيتافي: “الأفعال هي في الأساس مشاعر، ما تشعر به هو ما يجب أن تفعله، الممر الشرفي فرصة جيدة للغاية لإثبات أن الرياضة لا تزال مكاناً للتحابي، وليس مكاناً للتصادم، إنها لحظة مميزة لنثبت أننا تنافسيون ونتحلى بالحماس، ولكن عندما يجب أن نعترف بأحقية فريق بطل، فإننا نفعل ذلك”.
محسن عمران