أكد وزير النقل في الحكومة الانتقالية بهاء الدين شرم ضرورة رفع العقوبات عن سوريا، كاشفاً عن خطط الوزارة المستقبلية ومنها دراسة لإقامة شبكات سكك حديدية بكل الاتجاهات سواء باتجاه دول الخليج أو تركيا وكذلك ربط الساحل السوري بالعراق، إضافة لوجود عروض من دول وشركات دولية للمشاركة في مشروعات النقل، كما لدى الوزارة خطة لاستبدال السيارات القديمة بمركبات أحدث.
وقال الوزير شرم في لقاء مع موقع “العربي الجديد” إن رفع العقوبات عن سوريا له تأثيرات إيجابية ولا سيما في ما يتعلق بالبنية التحتية المدنية، مبيناً أنه حتى الآن، لا يمكننا القول إن العقوبات قد رُفعت بالكامل عن الشعب السوري أو عن الدولة السورية، فعملية رفع العقوبات تتم بشكل تدريجي، وجزئي، وهي تتفاوت بين دولة وأخرى، ومع ذلك، فإن أي تخفيف لهذه العقوبات، ولو جزئياً، يعد أفضل من بقائها كاملة.
وخلال حديثه عن وضع قطاع النقل العام في سوريا، وصف شرم البنية التحتية للقطاع بـ”المتهالكة” وأن الآليات المستخدمة في النقل قديمة جداً، فاستيراد السيارات كان متوقفًا في سوريا منذ العام 2010، ومعظم السيارات يعود تاريخ صنعها إلى ما قبل عام 2000، وهناك مركبات يعود تاريخ تصنيعها إلى ما قبل العام 1980 لا تزال تسير في شوارع سوريا، سواء سيارات نقل الركاب أو آليات شحن البضائع، وهذه الآليات بطبيعة الحال غير كافية وغير مناسبة لخدمة الأهالي بالشكل المطلوب.
وأضاف: “نحن بحاجة أولاً إلى إنشاء بنية تحتية، من أجل استيراد آليات ملائمة، فمثلاً نحتاج إلى شبكات سكك قطار لنتمكن من استيراد قطارات، نحتاج إلى بناء طرق جديدة من أجل استيراد سيارات كهربائية في المراحل القادمة من خلال استبدالها بسيارات قديمة، ونحن نعمل الآن على وضع دراسات وخطط من أجل تحسين واقع النقل بشكل عام”.
ويرى وزير النقل أن دخل المواطن في سوريا ضعيف جداً، ورواتب الموظفين تتراوح بين 15 إلى 20 دولاراً شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية تكاليف النقل وحده، وبالتالي أية تسعيرة سيتم وضعها سيعتبرها المواطن مرتفعة، كما أن أصحاب المركبات يحددون الأسعار بشكل عشوائي، ما يؤدي إلى تفاوت كبير في التكلفة.
وتابع: “لقد بدأنا بوضع تسعيرات جديدة لأكثر من 70% من خطوط النقل التي تتجاوز الألف خط، بعد دراسات دقيقة، لضمان عدم توقف المركبات عن العمل بسبب عدم تحقيقها للحد الأدنى من الربح”.
كما كشف عن وجود خطة تقوم على استبدال السيارات القديمة بمركبات أحدث، لكن تنفيذ هذه الخطة سيراعي فيها الواقع الحالي من ناحية وجود مئات ألوف السيارات العمومية القديمة التي تعمل في سوريا وهذه لا يمكن إلغاؤها بالسماح بإدخال سيارات أحدث، لأنه بمجرد إدخال سيارات حديثة ستتوقف السيارات القديمة عن العمل.
وبين أن هناك خطة بأن يحصل استبدال السيارات ضمن آلية معينة تقوم مبدئيّاً على دراسة حول نوع السيارات التي سيتم استيرادها هل هي سيارات كهربائية أم سيارات بنزين وبعدها مرحلة يتم فيها استبدال السيارات القديمة بسيارات حديثة وفرق السعر يمكن أن يدفع بالتقسيط.
وهنا يشير الوزير لوجود خطط متعددة لكن الخطة الأقرب للتنفيذ هي استبدال كل سيارات النقل العام بسيارات كهربائية بشكل كامل، فصاحب التكسي العمومي نستبدل سيارته القديمة بسيارة كهربائية حديثة، ونقسط له فرق السعر ولكن هذه الطريق تأتي بمردود اقتصادي أكبر للسائق كون سيارة الكهرباء توفر مصاريف البنزين، مؤكداً أن كل هذه الدراسات في طور الإنجاز وتقديم العروض من قبل شركات عالمية وتنفيذ هذا الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، قد يستغرق سنوات.
ويشير وزير النقل إلى أن السيارة كانت حلماً للمواطن السوري، فقد كانت الرسوم الجمركية التي تفرض على السيارات تتجاوز الـ 300% أما الآن فتتراوح قيمة الرسوم الجمركية بين 10% إلى 20% من ثمن السيارة، فاليوم تعد السيارة مكلفة لأن كل مواطن من حقة امتلاك سيارة أسوة بكل الدول، وبالطبع إذا كانت السيارة حديثة غير مستعملة أفضل، ولكن هذا يحرم فئات من الشعب من امتلاك هذه السيارات لذلك سمحنا باستيراد السيارات المستعملة التي يقل عمرها عن 15 سنة.
أما عن وضع الطرقات في سوريا ضمن المدن فيبين شرم أنه حتى من دون استيراد لا يحتمل كم السيارات الموجودة، خاصة أن كل السوريين سيعودون إلى بلدهم كما ستشهد سوريا توافد عرب وأجانب من غير السوريين، وبالتالي هناك عدة عوامل لتنظيم الطرق جزء منها يعتمد على اكتمال بناء إدارة المرور التي تم البدء ببنائها من الصفر، إضافة إلى أن معظم الطرق تحتاج إلى توسعة وإعادة تأهيل، معتبراً أن “شوارع دمشق مهيأة لعام 1960 وهي لم تتغير منذ ذلك الحين”.
وبالنسبة لعبور الترانزيت من سوريا، يقول وزير النقل: “بمجرد أن يبدأ تدفق البضائع من أوروبا وتركيا عبر سورية فسيكون هناك مبدأ التعامل بالمثل وهذا الأمر يؤدي إلى انتعاش لشركات الشحن ويوفر فرص عمل جديدة”.
كما تطرق الوزير بحديثه إلى الأضرار بالسكك الحديدية الموجودة في سوريا إذ تجاوزت 60% سواء من فقد للسكك أو اهتراء بعضها، أو بسبب تنسيق بعضها التي تجاوز عمرها المئة عام، ويتم حاليّاً إجراء دراسة لتشغيل الأولى فالأولى بحسب الحاجة، كما تم البدء بتفعيل الخط الحديدي الذي يصل الساحل بالمدن، حيث تم خلال فترة تشغيل خط طرطوس حمص والذي سيتفرع من حمص إلى دمشق وحلب، وهو يعمل الآن على نقل مواد أولية فقط، ومشتقات النفط التي تغذي محطات التوليد الكهربائية، ومستقبلاً بعد رفع العقوبات يمكن تشغيل قطارات لنقل الركاب.
وكشف أيضاً عن دراسة لعمل شبكات سكك حديدية بكل الاتجاهات سواء باتجاه دول الخليج عبر الأردن، أو باتجاه تركيا، أو لربط الساحل السوري مع العراق، مضيفاً “نعمل على أن يكون لدينا قطارات بما فيها قطارات كهربائية سريعة تصل سرعتها من 250 إلى 300 كيلومتر في الساعة الأمر الذي يقوي التجارة في سورية كما يقوي موقع سوريا معبراً لقوافل الترانزيت”.
وأحد المشاريع التي يمكن تنفيذه مبدئياً وقريباً هو خط سكك حديدية يربط مدينة حلب السورية بمدينة غازي عنتاب التركية، وهو خط طوله قصير نسبياً ويمكن تنفيذه خلال فترة قصيرة، بحسب وزير النقل.
وبالنسبة للوحات السيارات وتعدد أشكالها حالياً وآلية توحيدها، يقول شرم: “حصلنا على قاعدة البيانات التي كانت موجودة لدى النظام السابق، ولدينا قاعدة البيانات الموجودة لدى حكومة الإنقاذ، بدأنا بجمعهم ضمن قاعدة بيانات واحدة ولدينا قاعدة البيانات الموجودة في مناطق ريف حلب الشمالي التي كانت تتبع للحكومة المؤقتة في مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات، سنحصل عليها ضمن الأسبوع القادم سندمجهم جميعاً بقاعدة بيانات موحدة، وسنصدر لوحات موحدة للسيارات مطابقة للمعايير الصحيحة للوحات، ولن تكون اللوحات مقسمة بحسب المدن، إذ يمكن للسيارة التي تباع في حلب أن تسجل بدمشق من دون حاجة إلى أي إجراء نقل.
وعن الخطط المستقبلية لقطاع المواصلاً أيضاً تحدث الوزير أن “الأتمتة” شارحاً ذلك بالقول: “شهادة قيادة المركبة تحمل أوتوماتيكياً على البطاقة الشخصية، فالمواطن ليس في حاجة إلى أن يحمل معه رخصة قيادة وإنما يكفي أن يحمل البطاقة الشخصية التي تحوي شريحة تتضمن معلومات رخصة القيادة”.