خاص || أثر برس على الرغم من توثيق انقراض النمر السوري منذ خمسينيات القرن الماضي، إلا إن بعض أهالي القرى الجبلية، خاصة المجاورة للغابات الحراجية والمحميات الطبيعية، لا يزالون يحتفظون في ذاكرتهم بالكثير من القصص والصور التي رسموها عن النمر السوري من مشاهدات آبائهم وأجدادهم.
وعليه، ليس مستغرباً أن يتناهى إلى الأسماع روايات عن لسان صيادين أو أهالي، يقولون إنهم رأوا النمر أو الدب السـوري، لكنه هرب مسرعاً دون أن يستطيعوا الاستفاضة بشرح مظهره وما يميزه عن غيره من الحيوانات المألوفة، ليتبين أن ما يشاهده البعض ليس النمر السوري الذي بات حيواناً منقرضاً، حسب ما توصلت إليه الأبحاث والدراسات.
المشرف على محمية الأرز والشوح المهندس بلال إبراهيم يقول لـ “أثر”: “إن الكلام المتداول عن وجود النمر السوري في المحمية هو كلام غير دقيق”، موكداً أنه تم توثيق انقراض النمر السوري منذ خمسينيات القرن الماضي.
وبيّن إبراهيم أن الروايات عن وجود النمر السـوري في المحمية يعود إلى أحاديث تناقلها بعض الصيادين بين بعضهم البعض، عن رؤية حيوان بري غير معروف بالنسبة لهم، ونسبه إلى النمر السوري، لكن في الحقيقة هو حيوان مصاب بمرض معين، كمرض جلدي أدى إلى تساقط الشعر أو الوبر الذي يغطيه، أو أدى إلى تغير في شكله وجعله يبدو مخيفاً بعض الشيء عن الشكل الطبيعي للحيوانات الموجودة في المحمية، وبناء عليه باتوا يتداولون أحاديثاً عن رؤيتهم للوشق، أو النمر السوري.
وأكد إبراهيم أن المحمية تضم عدداً من الحيوانات البرية كالثعالب، والذئاب، والخنزير البري، والغزلان، والسناجب، والضباع، والقنافذ، مشيراً إلى أن المحمية تعد ممراً أساسياً للطيور المهاجرة ومنها الطيور الجارحة النادرة جداً.
وبرأي الخبير والباحث في الحياة البرية السورية حسن محمد أن النمر السـوري انقرض منذ عشرات السنين، وتم التأكد من هذه المعلومات على أرض الواقع في المحميات الطبيعية والغابات الحراجية، بالإضافة إلى عمليات بحث طويلة في المراجع العلمية والتاريخية والتي توثق الحياة البرية في مناطق بلاد الشام.
وأضاف محمد: “كما تم توثيق دراسات وتقارير نشرتها معاهد أوروبية متخصصة في تسعينيات القرن الماضي تؤكد أن تجمعات الحياة البرية المفترسة اندثرت منذ زمن بعيد في سوريا، مبينة أن الصيادين قضوا على عدد كبير من النمور”.
ويرى محمد أن انقراض النمر السوري ترافق مع انقراض أصناف حيوانات نادرة مثيلة له كالدب السـوري، وغزال الريم، بالإضافة لأصناف عدة من الحيوانات البرية النادرة التي غابت عن المحميات الطبيعية، مشيراً إلى أن الطبيعة السورية تميزت منذ القدم بتنوعها الحيوي المميز على مستوى الشرق الأوسط نظراً لغناها بالغطاء النباتي، على حين أنها شهدت تراجعاً تدريجياً جراء تزايد الكتلة البشرية وتعدياتها الدائمة على المساحات الخضراء وانحسار مساحتها، بالإضافة إلى الصيد الجائر.
باسل يوسف – اللاذقية