شهدت جبهة ريف حلب الشمالي التي تسيطر عليها تركيا توتراً بين فصائل أنقرة و”هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وحلفائها)” بعدما أرسلت الأخيرة أرتالاً عسكرية إلى ريف حلب الشمالي.
ونقل موقع “العربي الجديد” عن مصادر من فصائل أنقرة أن الأخيرة استنفرت بعد وصول أرتال “الهيئة”، ورفعت سواتر ترابية في الطريق الواصل بين مدينة أعزاز وبلدة كفر جنة من جهة بلدة قطمة بريف حلب الشمالي، وذلك تصدياً لأرتال “الهيئة” في حال اقترابها من المنطقة.
وأكدت المصادر التابعة لفصائل أنقرة، أن “الهيئة” كانت تريد استعادة السيطرة على معبر الحمران، الذي يعد أهم معبر اقتصادي في الشمال السوري، وتدخل عبره قوافل المحروقات من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” إلى مناطق سيطرة المعارضة، وذلك لكسب جميع إيرادات المعبر لحسابها من دون السماح لفصائل أنقرة بالاستحواذ على عائدات المعبر المالية التي تُقدر شهرياً بمئات آلاف الدولارات.
بدورها، نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصدر في المعارضة، أن تركيا هي من منعت وصول أرتال “الهيئة” إلى مناطق ريف حلب الشمالي، مشيرة إلى أن الخطوة التركية تأتي في أعقاب اجتماعات تمّ إجراؤها في الأسابيع الثلاثة الماضية بين عدد من قادة الفصائل المنضويين ضمن “الجيش الوطني” التابع لأنقرة، وضباط من الجيش والاستخبارات التركية، وحضر بعضها رئيس “الحكومة المؤقتة” المعارضة عبد الرحمن مصطفى.
وأفاد المصدر بأن قادة الفصائل ورئيس “الحكومة المؤقتة” قدّموا في اللقاءات طروحات عدة يمكن فيها الاقتراب من حالة “التمويل الذاتي” التي تسعى إليها أنقرة، وأبرزها “استعادة بعض مصادر الدخل ومن بينها معبر الحمران، إلى جانب وقف محاولات الجولاني التمدّد في ريف حلب”.
ووفق ما نقلته “الأخبار” فإن هذه “الطروحات لاقت قبولاً تركياً، ضمن محاولات خلق مرجعية موحّدة تنهي حالة الفوضى الفصائلية، إلى جانب مساعي تصدير الحكومة المؤقتة بوصفها مؤسسة معارضة موجودة على الأرض يمكنها الجلوس إلى طاولة المفاوضات وإجراء لقاءات دبلوماسية وسياسية وحتى أمنية”.
أُمنيات تمدد “الجولاني” متزعم “الهيئة”:
نقلت سابقاً صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادرها “سيطرة الجولاني على مناطق بريف حلب الشمالي يوفر للجولاني مصادر دخل إضافية بسيطرته على معابر التهريب، أو بالمشاركة في المشاريع السكنية التي تعمل تركيا لإنشائها على طول الشريط الحدودي”.
وفي هذا الصدد أقدم “الجولاني” مؤخراً على تنفيذ اعتقالات طالت مئات القياديين في “الهيئة” وأفادت تقديرات بأن الأخير يجد بمن اعتقلهم عائقاً أمام تحقيق رغبته بالتمدد.
وأكدت مصادر نقلت عنها “الأخبار” وصفتها بـ”الجهادية” أن عدد المقبوض عليهم منذ بدء الحملة مطلع تموز الماضي، وصل إلى نحو 450 شخصاً، تمّ الإفراج عن عدد منهم بعد وساطات، على حين جرى تداول أنباء غير مؤكّدة عن إعدام بعضهم، لافتة إلى أن عمليات الاعتقال “ما تزال قائمة”.
أوضحت المصادر أنه ثمّة عوامل عدة تدفع إلى الظن بإمكانية محاولة انقلاب على “الجولاني”، أبرزها مواقفه المتقلّبة وتخلّيه المستمر عن شركائه بهدف تشديد قبضته على مناطق انتشار جماعته، وسعيه لتوسيع مناطق سيطرته وقضم مناطق في ريف حلب الشمالي.
وأشارت المصادر “الجهادية” إلى أن فصائل أنقرة تبدي تخوفها من استمرار إحكام “الجولاني” سيطرته على مفاصل الاقتصاد، وتحكّمه بمعابر التهريب مع ما تدرّه عليه من ثروة كبيرة، واحتمال استثماره هذه الثروة في إغراء شركاء جدد يمهّدون الطريق أمامه ليضع قدماً في ريف حلب، كما تتخوّف الفصائل من إحكام الجولاني قبضته على عدد من معابر التهريب في نقاط التماس مع “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، لتصبح جماعته المتحكّم الأكبر بسوق المحروقات في كامل الشمال السوري.
محاولات سابقة لـ”الجولاني” لتحقيق حلم التمدد:
منذ ما يقارب عام تزايد الحديث عن رغبة متزعم “الجولاني” بالتمدد إلى مناطق ريف حلب الشمالي، لتوسيع نفوذه العسكري والاقتصادي، توسيعاً غير مباشر.
وفي تشرين الأول 2022 اندلعت اشتباكات عنيفة بين فصيلي “فرقة الحمزة” و”الفيلق الثالث”، وذلك بعد اعتقال الأخير مجموعة تابعة إلى “فرقة الحمزة” وتدخلت “الهيئة” في القتال إلى جانب “الحمزة” بالاشتراك مع فصيل “فرقة سليمان شاه” و”حركة أحرار الشام – القاطع الشرقي” التابعين لأنقرة، الأمر الذي أدى إلى دخول “الهيئة” إلى كامل منطقة مدينة عفرين والسيطرة عليها بتمهيد من تلك الفصائل، بعد اشتباكات عنيفة أجبرت الفيلق على الانسحاب إلى مدينة أعزاز، أبرز معاقله، لتنسحب “الهيئة” من المنطقة بعد مفاوضات واجتماعات بطلب من الجانب التركي.
وأكدت مصادر “أثر” حينها أن خروج “الهيئة” من عفرين كان بإجراء أنقرة خطوات حثيثة لإجبار “الهيئة” على الخروج، وإلزامها بتسليم تلك المناطق لفصائل أنقرة، والعودة إلى مناطق سيطرتهم في ريفي إدلب وحلب الغربي، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “الهيئة” حافظت على وجود “مقنِع” لبعض عناصرها في حلب.