باتت طرقات دمشق والدروب المؤدية إلى معرضها الدولي في دورته الـ59 أكثر حيوية، فبعد غيبوبة دامت لسنوات خمس، تنتعش مدينة سئم سكانها صوت الحرب وألوانه وتتجدد أيام الخوالي لديهم بذكريات جميلة.
فالمعرض الذي انطلق أول مرة في خمسينيات القرن الماضي وانقطع لـ 5 دورات متتالية، يعود بدلالات ومؤشرات كثيرة ليثبت تحسن الوضع الأمني ممزوجاً بنكهة اقتصادية سياحية، حيث تزامن مع انطلاقته إزالة عدد من الحواجز في المدينة وذلك لتسهيل حركة الزوار والوافدين، إضافة إلى تراجع مهم في سعر صرف الدولار مع قدوم طائرات رجال الأعمال المستوردين لحضور “معرض دمشق الدولي” وطرح كميات كبيرة من القطع الأجنبي.
ويشارك في المعرض 43 دولة، منها 23 دولة عربية وأجنبية بشكل رسمي عبر سفارتها إضافة إلى تسجيل 20 دولة أخرى مشاركات تجارية لها، في مفأجأة قوية نظراً للظروف في سوريا والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
واللافت هذا العام مشاركة شركات من دول أوروبية مثل فرنسا وهولندا وبلجيكا واليونان، بالرغم من العقوبات الأوروبية المفروضة على دمشق.
رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس أكد أن الرسالة التي يحملها انطلاق “معرض دمشق الدولي” بحضور وفود رسمية وحشد كبير من رجال الأعمال العرب والأجانب والفعاليات الاقتصادية المحلية، هي أن الدولة السورية تتعافى بشكل سريع ومعاملها وورشاتها وحقولها تعود للإنتاج والعمل بشكل فعال، مبيناً أن الدولة بمكوناتها المختلفة قطعت عهداً على نفسها أن تقدم معرضاً دولياً استثنائياً يليق ببلد عرايق عشق الحياة والسلام.
ويستضيف المعرض 1500 رجل أعمال من دول عدة بينهم مغتربون سوريون لاستقطاب استثماراتهم في البلد، خاصة للمشاركة في “إعمار سوريا”.
وللمرة الأولى في تاريخ المعرض يتم استثمار كامل مساحاته المبنية والمكشوفة بحوالي 70 ألف متر مربع، وذلك دليل على حجم المشاركة الكبير والأهمية المعوّلة على “معرض دمشق الدولي” اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وفنياً، ومن المتوقع أن تبلغ عقود التصدير خلاله 300 مليون دولار وستكون معفية تماماً من أجور النقل والجمارك.
وقال المدير العام لـ “المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية” فارس الكرتلي: “نريد لهذا المعرض أن يكون منطلقاً وبداية لإعادة الإعمار”، مشيراً إلى أن الشركات المشاركة تبحث عن موطئ قدم في إعادة إعمار سوريا، خاصة أن الحرب في سوريا ألحقت دماراً هائلاً في البنى التحتية والقطاعات الخدمية.
ويتوقع أن يبلغ عدد زوار المعرض العام الحالي ما بين 60 و70 ألف شخص ممن يتشوقون لإعادة ذاكرة ملئية بأغاني فيروز التي تغنت فيها بجمال دمشق وغوطتها وسهرات الطرب والعروض الفنية والثقافية، علاوة على تنوع الشركات المشاركة وبضائعها المعروضة، ونوافير المياه الزاهية بألوانها، لتكون حدثاً اقتصادياً و مناسبة اجتماعية وترفيهية لا تنتسى.
إذاً افتتاح أعرق معارض الشرق ستكون بوابة لإعادة الإعمار للأضرار التي خلفتها الحرب والتي قدرها البنك الدولي في تقرير نشره الشهر الماضي بـ 226 مليار دولار، مؤكداً عودة عجلة العملية الإنتاجية للدوران وبدء التعافي الاقتصادي السوري رغم الإجراءات القسرية التي فرضت على سوريا.