لا تزال الفصائل والقوى المسيطرة على مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة الدولة تتحكم بحاجات المدنيين الأساسية وسط صمت من قبل المنظمات الإنسانية عن تلك الانتهاكات، حيث استولت المجموعات المسلحة التابعة للقوات التركية على مساحات واسعة من حقول الزيتون في عفرين شمال غرب حلب وتوازعتها فيما بينهما، في حين تستمر “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من القوات الأمريكية بالاستيلاء على الصوامع والمطاحن والمخابز العامة، في ريف الحسكة، ما يتسبب بأزمة خبز خانقة في تلك المنطقة، ما أدى إلى توقف عشرات الأفران عن العمل.
وفي التفاصيل، أفادت وسائل إعلام معارضة بأن حقول الزيتون التي استولت عليها المجموعات التابعة لتركيا بمدينة عفرين في ريف حلب الشمالي يقدر عددها بنحو 60 حقلاً، وتعود ملكيتها للأهالي المهجرين من المدينة، حيث استولى عليها ما يسمى “المكتب الاقتصادي” التابع إلى مجموعة “فرقة السلطان مُراد” التي قامت بدورها بتوزيعها بالتساوي على باقي المجموعات المسلحة المنتشرة في ناحية شران.
وفي مناطق شرق وشمالي شرق سوريا، يعاني المدنيون من أزمة خبز خانقة، نتيجة توقف العديد من الأفران على خلفية عدم توزيع “قسد” مخصصات الطحين للأفران الآلية الخاصة وقلة الإنتاج في الأفران العامة، بعد استيلائها على جميع الصوامع والمطاحن والمخابز العامة.
وقال محافظ الحسكة غسان خليل في تصريح لصحيفة “الوطن”: “إن سيطرة قسد على الأفران ليست جديدة وسيطرتها على محصول القمح كانت منذ سنوات وكذلك على صوامع الحبوب والمطاحن وعلى قسم كبير من الأفران ومؤخراً على مخبز آذار في الحسكة ومخبز تشرين في القامشلي.
وأضاف: “نحن كدولة ندعم كل أفران المحافظة العامة والخاصة بمادة الطحين على كامل جغرافيا المحافظة، ولكن ما حصل مؤخراً أنه وبعد استيلاء هذه الميليشيات قالوا للمدنيين: (اذهبوا إلى دولتكم كي تطعمكم، منعنا القمح والطحين عن هذه الأفران) وقلنا لهم (قسد) إذا كنتم قادرين أن تصرفوا من هذا القمح المسروق فعليكم أن تصرفوا هذه الأقماح في خدمة المواطنين، وإذا كنتم تريدون أن تعود الدولة لدعم كل المواطنين فيجب عليكم ألا تتدخلوا لا بالأفران ولا بالمطاحن ولا بأي شيء له علاقة بحبة القمح.
ونقلت “الوطن” عن مصادر محلية في الحسكة أن خلال الأيام الماضية امتنع نحو 40 فرناً خاصاً عن الإنتاج بسبب رفع سعر كيس الطحين من قبل “قسد” من 23 ألفاً إلى 65 ألفاً، كما تم رفع سعر الربطة الواحدة من الخبز المنتج في المخابز العامة من 100 إلى 150 ليرة مع خفض عدد الأرغفة إلى خمسة أو ستة بدلاً منـ 7 أرغفة مع تأخر في تزويد السكان بالخبز من يومين إلى ثلاثة أيام.
وأشارت المصادر إلى أن “قسد توزّع الخبز عن طريق ما يسمى “الكومينات (موزعون مرتبطون بها)” و”البراكيات” في أحياء الحسكة بكميات قليلة لا تكفي الأهالي، ما يدفعهم إلى شراء الخبز السياحي بثمنٍ غالٍ.
وقبل أيام استأنفت “قسد” عملية الاستيلاء على مراكز الحبوب والطحين، حيث أشارت الأنباء الواردة من المحافظة إلى أن “قسد” أنذرت العاملين بمؤسسة إكثار البذار بإخلاء مقرات عملهم تمهيداً للاستيلاء عليها، وذلك بحسب ما أكده عضو المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة والري في المحافظة أحمد الإبراهيم.
يشار إلى أن كل من “قسد” المدعومة أمريكياً والمجموعات المسلحة التابعة للاحتلال التركي يشتركان بسياسة التعامل مع المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، من الاستيلاء على ممتلكاتهم أو تخريبها كحرق محاصيل القمح وحقول الزيتون وحملات الاعتقال والفلتان الأمني وغيرها.