خاص || أثر برس أثّرت الأزمة بشكل كبير على أرقام الموازنة العامة في سوريا نتيجة تراجع حجم الإيرادات العامة للدولة سواء أكانت الإيرادات (النفطية أو غير النفطية) ما أثر على الانفاق الحكومي العام في سورية من سنة إلى أخرى، بالتوازي مع التغيرات التي طرأت على سعر الصرف والتي أثرت فعلياً على قيمة الاعتمادات المالية وفقاً لقوانين مشاريع موازنات البلاد منذ عام 2011 بشكل واضح وفقاً للبيانات الرسمية.
وبلغت نسبة التراجع في قيمة الموازنة العامة للدولة بين عامي 2011 و2023 نحو (63.46%)، حيث كانت قيمة موازنة عام 2011 رسمياً وفقاً لسعر الصرف الرسمي الصادر عن بنك سورية المركزي والمعتمد بـ (46.77 ل. س) بنهاية عام 2010 نحو (18.121 مليار دولار)، ثم انخفضت إلى (6.620 مليار دولار) في عام 2023، وفقاً لسعر صرف (2500 ل. س) في نهاية عام 2022.
التغيرات التي طالت الموازنة العامة:
حدد مشروع موازنة عام 2011 قيمة الموازنة العامة للدولة بـ (835 مليار ل. س) أي ما يعادل 18.121 مليار دولار)، ثم ارتفعت في عام 2012 إلى (1326.550 مليار ل. س) أي ما يعادل (23.880 مليار دولار) وذلك بنسبة تغير بلغت (31.7%). وفي عام 2014 انخفضت قيمة الموازنة إلى (17.878 مليار دولار) في عام 2013، ثم تراجعت بنسبة هي الأكبر من نوعها عام 2014 لتسجل (9.809 مليار دولار) حيث كانت قيمة الموازنة (1390 مليار ل. س) عام 2014 وسعر الصرف الرسمي حينها (141.47 ل. س).
خلال الفترة ما بين (2015-2022) كانت قيمة الموازنة غير مستقرة بين الارتفاع والانخفاض حيث سجلت أدنى في موازنة عام 2017 بنحو (2660 مليار ل. س) أي ما يعادل (5.313 مليار دولار) وفقاً لسعر الصرف الرسمي (500.6 ل. س)، أمّا في عام 2022 كانت (13550 مليار ل. س) أي ما يعادل (10.8 مليار دولار) بسعر صرف بلغ (1250 ل. س) بذلك العام.
في 25 تشرين الأول 2022 أقرّ مجلس الوزراء مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بمبلغ (16550 مليار ل. س) أي ما يوازي (6.620 مليار دولار) وفقاً لسعر الصرف الرسمي (2500 ل. س). ويلحظ من خلال قيمة الموازنة بالليرات السورية أنها ازدادت بنحو 3225 ملياراً مقارنة بموازنة عام 2022. حيث توزعت اعتمادات موازنة العام الجاري على 13550 ملياراً للإنفاق الجاري، و3000 مليار للإنفاق الاستثماري بزيادة بلغت (50%) عن العام الماضي، وتم إقرار الدعم الاجتماعي بمبلغ 4927 ملياراً، كما تم اعتماد كتلة الرواتب والأجور والتعويضات بنحو 2114 مليار ليرة بزيادة قدرها (33%) عن موازنة العام 2022 الماضي.
وعن سبب القفزات الحكومة الكبيرة في زيادة أرقام الموازنة سنوياً بالليرات السورية، أرجع أستاذ السياسية النقدية ونائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور علي كنعان سبب ذلك في تصريح لـ”أثر” إلى حاجة الدولة لزيادة حجم الإنفاق العام وبسبب انخفاض قيمة الضرائب لديها فهي تحتاج إلى موارد مالية لتمويل العديد من المسائل المحلية كتمويل النفقات الاجتماعية المرتبطة بالدعم الحكومي والنفقات العسكرية والإعانات.. وغيرها”.
وبيّن كنعان أنّ زيادة الموازنة تتم من خلال قيام الدولة بإصدار نقدي جديد أو تلجأ إلى الاستدانة من مصرف سوريا المركزي (تمويل بالعجز)، وكلا الحلّان وفقاً لكنعان، يؤديان إلى نفس النتيجة لها في توفير التمويل اللازم، مشيراً إلى أنّ الاستدانة غالباً ما تكون النسبة الأكبر منها من المصرف المركزي أو ربما تكون من المصارف الخاصة ولكن بنسبة قليلة جداً”.
وأشار كنعان إلى أنّ حجم الموازنة العامة في سورية قبل الأزمة كان أقل من الناتج المحلي الإجمالي وكانت تشكل الموازنة نسبة تتراوح ما بين (20- 25%) منه، حيث كانت قيمة الموازنة قبل الأزمة نحو (700) مليار ليرة سورية، والناتج المحلي نحو (2791) مليار ليرة سورية. أمّا حالياً وفقاً للدكتور كنعان، تُشكل قيمة الموازنة من الناتج المحلي نسبة ما يقارب (45%)”. وذلك وفقاً لتقديرات أستاذ السياسة النقدية الذي يرى أنّ قيمة الناتج المحلي للبلاد يبلغ بنحو (30000 مليار ل. س)، في حين تقدره الجهات الحكومة بنسبة (25000 مليار ليرة) تقريباً.
وأثرت التقلبات التي حصلت على سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، إضافة إلى تزاد النفقات في ظل تراجع الإيرادات العامة للدولة وارتفاع فاتورة الدعم الحكومي وتدهور الجانب الاقتصادي وخاصة القطاعات الإنتاجية خلال الأزمة على الوضع المالي، إضافة إلى ذلك الإجراءات القسرية “العقوبات” أحادية الجانب المفروضة على البلاد.
ضمن إطار الدعم الاجتماعي، تشير التقديرات الأولية لقيمة المبالغ المالية التي أضافتها الحكومة على بند الرواتب والأجور في موازنتي عامي 2021 و2022 من “منح وزيادات على الرواتب وتعديلات خاصة تتعلق بطبيعة عمل موظفي الدولة” في مختلف الجهات الحكومية بما يزيد عن (3500 مليار ليرة سورية).
ويتم وضع الموازنة العامة للدولة بناء على دراسات حكومية مسبقة لتوفير الاعتمادات لتغطية النفقات المطلوبة (جارية واستثمارية)، ويقصد بالنفقات الجارية هي الأموال المطلوبة بالحد الأدنى الضامن لاستمرار عمل الجهاز الحكومي تعليم صحة، نقل.. الخ، وهناك العديد من المحددات التي يتم على أساسها وضع الموازنة من جانب تغطية النفقات وهي حجم الإيرادات المتوقعة ومسألة العجز الذي يؤخذ بالحسبان كي لا يحصل ضغط على سعر الصرف.
قصي المحمد