بعد تعنت تركي دام لأشهر أمام المطالب الروسية بتخفيف التواجد العسكري التركي في إدلب، بدأت قوات الاحتلال التركي بالتراجع عن موقفها منسحبة من أكبر نقاطها في مورك والمحاصرة من قبل الجيش السوري وسط استعدادات لإخلاء باقي نقاطها المحاصرة في ريف حماة وإدلب.
مصادر معارضة أرجعت سبب الانسحاب إلى أنه مجرد تكتيك عسكري تركي يهدف إلى إعادة تموضع قواتها وأن تلك النقاط لم يعد لها أهمية في المنطقة، لكن توقيت الانسحاب بعد تعنتها لأشهر في إبقائها ورفض المطالب الروسية بسحبها وتشابك الملفات التركية الداخلية والخارجية يضع العديد من إشارات الاستفهام حول السلوك التركي الأخير.
فالتطورات الأخيرة تأتي في ظل تخبط تركي داخلي بسبب تأزم الخلافات التركية مع دول الاتحاد الأوروبي فيما يخص غاز شرق المتوسط حيث يبدو أن الأتراك غير مستعدين في المرحلة الحالية على التصعيد مع روسيا التي تأكد بشكل متواصل على ضرورة استعادة الجيش السوري لطريق الـ “M4” بعد فشل الدوريات التركية على مدار أشهر في تأمينه.
إلى ذلك، يرى البعض أنّ الانسحاب التركي من نقاط المراقبة وما قد يليه من انسحاب من منطقة جنوب الـ “M4″، قد يكون مقابله النية بالوجود في مناطق أخرى، وهو ما كان يجري في معظم الاتفاقات بين تركيا وروسيا، ولا شك بأنه في حال كان يوجد شيء من ذلك فستكون مناطق شرق الفرات السوري التي تسيطر عليها “قسد” المدعومة من قوات الاحتلال الأمريكي هي الهدف التركي الجديد.
في الثاني والعشرين من الشهر الفائت كشف خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيميونوف، لصحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا”، عن صفقة محتملة بين الجانبين التركي والروسي في إدلب، وقال الخبير حينها إن معايير الصفقة المحتملة بين روسيا وتركيا تتوافق مع صيغة “قطعة من إدلب مقابل جزء من الأراضي الشمالية الشرقية”، مضيفاً، “خلال المشاورات الروسية-التركية الأخيرة، قيل هذا بكل صراحة: “مقابل انسحاب القوات التركية من المناطق الواقعة جنوب الطريق السريع M4 في إدلب، طالبت أنقرة بتسليمها منبج وتل رفعت”.
كما شهدت مناطق في ريف مدينة منبج الغربي، الأسبوع الفائت قصفاً مدفعياً من قبل قوات الاحتلال التركي، استهدف مناطق انتشار “قسد” في قرى أم جلود وصيادة وأم عدسة والدندنية، مع قصف مماثل لقرى في محيط تل رفعت، في حين نقلت صحيفة “الأخبار اللبنانية” عن مصادرها بأن “الأهالي يلاحظون تحرّكات تركية غير اعتيادية، وعودة القصف المدفعي للمنطقة خلال الأسبوعين الأخيرين، ما ينذر بتصعيد تركي جديد”، وأضافت المصادر أن “الحديث المتداول بين السكان هو أن تركيا أمهلت مجلس منبج العسكري مدّة قصيرة لإخلاء المنطقة، مع التلويح بغزو جديد”، ولفتت إلى “وجود حركة ملحوظة لآليات تابعة للجيش السوري في محيط المدينة، فيما يبدو أن هناك لقاءات متكرّرة لقادة الجيش مع قيادة قسد في المنطقة، لبحث التهديدات التركية، وأخذها على محمل الجدّ”.
وعليه يبدو من التطورات الأخيرة بأن طريق الـ “M4” سيعود بعد فترة قصيرة لسيطرة الجيش السوري ليربط مدينة حلب باللاذقية من جديد، لكن الخاسر الأكبر من تلك التطورات ستكون “قسد” التي لا تزال تتشبث بارتباطها بقوات الاحتلال الأمريكي وتركها العام الفائت لتواجه مصيرها أمام قوات الاحتلال التركي.
رضا توتنجي