خاص|| أثر برس يعيش الطلاب منذ لحظة وقوع الزلزال حالة خوف وهلع دفعت ببعضهم إلى عدم المبيت في منازلهم وقضاء لياليهم في أماكن بعيدة لدى أقربائهم على الرغم من الظروف المناخية القاسية.
فمنذ اللحظة الذي استيقظت فيها جوليا (ثالث ثانوي علمي) بسبب اهتزاز سريرها وهي تعيش حالة خوف دائمة من تكرار الحالة التي لا تفارق مخيلتها، وتقول لـ “أثر”: “هذا أصعب يوم مر عليّ لم أستطع حتى الآن تخطي ما حدث أو النوم لساعتين متتاليتين ولن أقوى على ذلك فالرعب الذي شعرت به لا يوصف، كان كل شيء يهتز من تحتي وفوقي في جميع الاتجاهات، وسط صرخات أفراد عائلتي، شعرت أن الموت يحاصرنا جميعنا ومن المستحيل أن ننجو”.
أما سامي “طالب ثانوي” يقول لـ “أثر”: “ما اهتز بالفعل في لحظات الزلزال ليس المبنى والجدران والأثاث بل اهتزت أرواحنا، فأقل من دقيقة كانت قادرة على موت آلاف الناس؛ خرجت مع عائلتي من المنزل بملابس النوم، من دون أن نفكر بالأموال ولا بالأوراق الرسمية التي تثبت هويتنا، حالنا كحال بقية الجيران وأبناء الحي، فالجميع أراد النجاة بنفسه”.
ويضيف سامي: “في أثناء تلك اللحظات المشؤومة، بدأ إطلاق النار من قبل بعض الشباب لإيقاظ من كان نومه أعمق من قوة الزلزال، لتغص بعدها الطرق بالناس المذهولين الذين لا يعلمون المفر من الموت، ساعات أمضيناها في الشارع لم نتجرأ على الصعود إلى المنزل الذي كنا نعتبره الملجأ والأمان، لكن ثبت أننا كنا مخطئين، اكتشفنا أن المباني الشاهقة أوهن من بيت العنكبوت وبأنها آيلة للسقوط في ثوان، وللأسف تكرر مشهد هروبنا بعد الهزة الأرضية الثانية، حيث أجبرنا على تمضية ليلة أخرى خارج المنزل”.
محاولة الهروب في أثناء الزلزال أمر ليس سهلاً كما يقول رامي لـ “أثر”، ويضيف: “بداية لم أتوقع أن أواجه حدث كارثي كهذا، من هنا استغرقت وقتاً لأستوعب ما يحصل فجر السادس من شباط، حينها استيقظت من النوم على صوت صراخ إخوتي ظننت بداية أني أتخيل أن الأرض تهتز، وحين أدركت الحقيقة ارتبكت، لم أعلم ما يجب فعله، لكن بعد أن شعرت أن الأمور ليست بخير نزلت إلى الشارع”.
وتابع رامي: “بعد ما حصل أصبت بالأرق ولم أعد أركز في أثناء الدراسة، وبت أخشى تكرار السيناريو المرعب في أثناء نومي”، موضحاً أن إخوته الصغار مصابون بالذعر ويخافون من التنقل داخل المنزل بمفردهم في الليل، لافتاً إلى أنه اكتشف أن كل الأزمات التي نمر بها أسهل بكثير من الكوارث الطبيعية التي لا يعلم أحد متى تحصل ومدى أضرارها.
وفي السياق ذاته، قال د.خالد حميدي اختصاص طب نفسي سلوكي، لـ “أثر”: “إن طلاب الشهادتين (التعليم الأساسي والثانوي) يعانون من صعوبات عدة أهمها كثافة المنهاج ونقص بعض الكوادر التعليمية بسبب مخرجات الأزمة السورية وحديثاً بعد الزلزال المدمر الذي أصاب المنطقة لاحظنا أن هناك حالات هلع وخوف من أي حركه أو اهتزاز وهذا ما نسميه وسواس قهري فهو يسيطر على الجملة العصبية طوال الوقت ويضاف على ذلك حالات القلق والارتباك والخوف من القادم”.
وأوضح د. حميدي أنه عند حصول أي اهتزاز أو حاله خوف تتحول الأزمة إلى (جماعية) أي تشمل كل الموجودين بالمكان “الصف الدراسي”، ما يؤدي إلى أذيّات نفسية من جهة وتأخر بالمنهاج من جهة أخرى سيما أن الامتحان بات قريباً.
وختم د.خالد حميدي اختصاص طب نفسي سلوكي، كلامه ناصحاً القائمين بالمدارس من اختصاصيين نفسيين وتربويين بـ “بث روح الهدوء والانتظام بين الطلاب وأن يتم الشرح لهم أن هذه الكوارث طبيعية لا تحدث دائماً؛ لأنه في حال حدوث أزمة أخرى قد تحتاج إلى زمن طويلٍ من العلاج”.
وكان الزلزال الذي حدث في سوريا، في 6 شباط الجاري، قد تسبب بوفاة 1387 شخصاً، وإصابة 2326 آخرين، وفق ما أعلنه وزير الصحة حسن غباش.
دينا عبد