زياد غصن || أثر برس بحسب تقرير الاستعراض الوطني الثاني لأهداف التنمية المستدامة، فإن هناك حوالي 269 نوعاً نباتياً وحيوانياً وردت ضمن مؤشر القائمة الحمراء لعام 2022، وهو المؤشر الدال على الأنواع البيئية المهددة بالانقراض، بزيادة قدرها 433% مقارنة بالرقم المسجل في العام السابق للحرب.
والمشكلة لا تكمن فقط في ارتفاع عدد الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض نتيجة التأثيرات الناجمة عن الحرب، والتغيرات المناخية أو كما يحبذ أساتذة الجغرافيا تسميتها بالاضطرابات المناخية، وإنما في ندرة أو محدودية عمليات التوثيق الوطنية للأنواع النباتية التي وجدت في مناطق البلاد المختلفة، فما هو قائم لا يتعدى حالياً جهود فردية لبعض الباحثين والمهتمين بشؤون البيئة من قبيل المشروع الذي أطلقه الباحث في شؤون الموارد الطبيعية الدكتور موفق الشيخ علي، والساعي لتوثيق الأنواع النباتية السورية تحت اسم “فصول سوريا”، والذي نجح إلى الآن بتوثيق حوالي 3550 نوعاً نباتياً في البلاد.
بأسماء سوريّة:
يفضل الباحث الشيخ علي أن يبدأ حديثه عن مشروعه بالإشارة إلى معلومة هامة وهي “أننا وكما نتغنى بالوردة الدمشقية على أن اسمها العلمي العالمي المتداول هو الوردة الدمشقية، فإنه يحق لنا ويجب أن نعلم أن مبادرة “فصول” وبالتقاطع مع كل الفهارس العالمية المتداولة أثبتت أن هناك قرابة 26 نوعاً نباتياً تسمى علمياً وعالمياً بأسماء تنسب إلى سوريا، و16 نوعاً إلى دمشق، و17 نوعاً إلى حلب، و4 أنواع إلى تدمر، والكثير إلى مدن وقرى أخرى، وربما من أهمها الإجاص السوري والسوسن الدمشقي والفستق الحلبي والصنوبر الحلبي”.
ويضيف في حديث خاص لـ “أثر برس” أنه “بعد إنهاء دراسة الدكتوراه في العام 2000، والتي كان موضوع بحثها عن البيئة والتنوع الحيوي في منطقة جبل العرب، ومن خلال نتائج البحث الذي بدأ عملياً في العام 1992 من خلال جولات حقلية وزيارات ميدانية مكثفة شملت مساحة قدرها 5500 كم² من مساحة محافظة السويداء والتي كان من أهم نتائجها تسجيل وجود 542 نوعاً نباتياً في منطقة الدراسة منها 23 نوعاً تم تسجيلها لأول مرة في جبل العرب، ومن خلال مشاريع بحثية عديدة كنت أشارك بها في مختلف مدن ومناطق على كامل مساحة سوريا، تجمع لدي كمية جيدة من الوثائق والدراسات التاريخية للتنوع الحيوي النباتي في سورية، إضافة إلى الصور وأماكن التواجد والتوزع الجغرافي، ونتيجة لضعف أو ندرة الوثائق والدراسات المنشورة باللغة العربية عن هذا الجانب قررت أن آخذ على عاتقي هذه المهمة وأطلقت في شباط 2007 النسخة الأولى من المبادرة على شكل موقع إلكتروني أسميته “فلورة سوريا أونلاين FSOL”، متعمداً اختيار تسمية توحي بالتنوع الفصلي وما يرافقه من تنوع حيوي”.
تستهدف مبادرة التوثيق القائمة على أسس علمية وميدانية تحقيق خمسة أهداف رئيسية هي: نشر المعرفة بالتنوع الحيوي النباتي لسوريا باللغة العربية، إتاحة مصدر على شكل موقع إلكتروني مفتوح ومجاني للباحثين والطلاب والمهتمين، مراجعة وتدقيق الوثائق والموسوعات الرئيسية التي اهتمت بالتنوع الحيوي النباتي في سوريا، تحديد التوزع الجغرافي للأنواع النباتية وربطه مع البيانات البيئية من حيث الظروف المناخية وأنواع الترب وتوفر مصادر المياه، وتحديد علاقة القربى الوراثية التصنيفية بين الأنواع النباتية وعلاقاتها وفق ما يسمى علمياً المجتمعات النباتية.
قاعدة بيانات:
ولأن العبرة هي بالتنفيذ، فإن السؤال الأساس الذي يُطرح في سياق الحديث عن المشروع هو: ماذا تحقق من أهداف المبادرة حتى الآن؟
يجيب الباحث الشيخ علي على ذلك بالقول: “بعد جهد مكثف لمدة 17 عاماً وهو ليس فقط جهد عمل ولكن هذا المشروع – المبادرة- استهلك الكثير من الوقت والتمويل المادي حيث تطلب إنشاء قاعدة البيانات وتصميم الموقع وجمع البيانات مبالغ كبيرة مثل تكاليف تصميم وحجز مواقع للاستضافة ونطاق وطني وعالمي وترجمة معلومات من عدة لغات وإدخال البيانات، أستطيع القول إننا نقترب من إكمال ما يمكن تسميته الهيكل العظمي لهذه المبادرة”، متابعاً: “تم تأسيس وبرمجة هيكلية قاعدة بيانات مرنة وواسعة تتضمن أكثر من 25 معلومة مرتبطة بكل نوع نباتي بدءاً من التسمية العلمية العالمية المعتمدة وصولاً إلى الاسم المحلي إلى الإحداثيات الجغرافية لمناطق التواجد على كامل مساحة سوريا بما يشمل حتى الآن قرابة 9875 قرية وموقع في جميع المحافظات، نجحت مبادرتي التي كانت فردية لمدة 16 عاماً في اجتذاب اهتمام بعض الباحثين السوريين والعرب المهتمين بالتنوع الحيوي النباتي في سوريا والذين انضموا للمبادرة من خلال إرسالهم لمساهمات على شكل صور أو مواقع تواجد أو توصيف للعديد من الأنواع النباتية”.