بدأ متزعم “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وحلفائها)” بطرح نفسه على المشهد العربي، عبر تصريحات صحفية عدة أعرب خلالها عن رفضه للتقارب العربي من سوريا، وزادت حدة هذه التصريحات بعد انضمام سوريا إلى الجامعة العربية.
وقال الجولاني، أمس الإثنين، تعقيباً على عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، أن ما يحصل “انحرافه خطيرة” لأهدافهم.
تصريحات الجولاني، الصحفية تتزامن مع محاولته لفرض طابع “الاعتدال” على “الهيئة” كما تأتي في الوقت الذي لا يزال يتلقى فيه دعماً مالياً وعسكرياً من قبل بعض الدول.
الدعم الأمريكي:
أكدت دراسة أعدتها مؤسسة “جيمس تاون” الأمريكية أن “أبومحمد الجولاني” عمل لعدة سنوات على إعادة تسويق جماعته كحركة وطنية سورية معارضة للدولة السورية، محاولاً الابتعاد بالجماعة عن أصولها في “القاعدة”.
وذكر الباحث تامي لين بالاسيوس، في الدراسة “أن التغيير في آليات عمل الجماعة وطريقة تقديمها لنفسها في المنطقة، لم يمنع تواصل دعم جهود هيئة تحرير الشام لمصالح التنظيم الإقليمية وأهدافه الاستراتيجية العالمية الأوسع”.
ولفتت الدراسة الأمريكية إلى التعاون بين “الجولاني” والولايات المتحدة الأمريكية، من خلال الإشارة إلى الغارات التي نفذها “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن في مناطق سيطرة “الهيئة” في إدلب خلال السنوات القليلة الماضية.
الدعم القطري:
بعد الإعلان عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية بساعات قليلة، أكدت الخارجية القطرية أن موقفها من الدولة السورية لم يتغير لكنها لن تعارض الإجماع العربي، في تصريح انسجم إلى حد كبير مع الموقف الأمريكي الذي أكد على أن واشنطن متفقة مع حلفائها العرب على الأهداف النهائية، وفي هذا السياق لفتت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن الدوحة تعتبر دعمها لـ”هيئة تحرير الشام” بمثابة كرت يمكنها التفاوض حوله، وأكدت الصحيفة أنه “على الرغم من نفيها المستمرّ وجود علاقة تجمعها بتحرير الشام، يمكن بسهولة ملاحظة النشاط الذي تقوده شخصيات سورية على علاقة بتنظيم القاعدة موجودة في الدوحة، للترويج لمشروع الهيئة الذي يقوده أبو محمد الجولاني، والذي تربطه بقناة الجزيرة، علاقة متينة متانة تتجلّى في انفراد القناة القطرية بسلسلة لقاءات أجرتها معه، ولا تنتهي بتنظيم ندوات إلكترونية يشارك فيها شرعيون وشخصيات قيادية في تحرير الشام، الأمر الذي يذكّر بتاريخ طويل من الصِّلة بين الدوحة وهذه التنظيمات، سواء في أفغانستان، أو العراق، أو حتى سوريا”.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أكدت “الأخبار” أن “قطر تموّل سلسلة من المشاريع العمرانية في الشمال السوري معظمها يتمّ في مناطق سيطرة الهيئة، سواء تحت مظلّة العمل الإغاثي، أو ضمن المشروع التركي اذلي يطلق عليه اسم مدن الطوب”.
يشار إلى أن سيطرة “هيئة تحرير الشام” على أراضي سوريّة هو موضوع مطروح في المسارات السياسية التي تجمع تركيا وروسيا، وآخرها مسار التقارب السوري- التركي الذي تتوسط فيه روسيا وإيران، حيث أكدت وزارة الدفاع السورية بعد اجتماع وزراء دفاع البلدان الأربعة في 25 نيسان الفائت “تمت مناقشة موضوع انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وكذلك تطبيق الاتفاق الخاص بالطريق الدولي المعروف باسم طريق M4″، الأمر الذي من شأنه أن يفرض على “الهيئة” الانسحاب من عدة قرى وبلدات يسيطرون عليها غربي سوريا.