لا يبدو أن المسؤولين الأمريكيين متفائلين إلى حد بعيد بنتائج الزيارة التي بدأها الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الأربعاء إلى الشرق الأوسط والتي ستشمل “إسرائيل” والضفة الغربية والمملكة السعودية.
وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية تقريراً حول جولة بايدن، أشارت خلاله إلى أنه “من المؤكد أن هذه ليست رحلة الشرق الأوسط التي أرادها بايدن، ولكن عندما يصل إلى هناك، ستكون الزيارة مليئة بالفرص وحقل ألغام جيوسياسي واسع، كما يعلم مساعدوه جيداً”، وفي هذا السياق قال مسؤول أمريكي كبير: “من الأفضل لنا أن نكون حاضرين في الشرق الأوسط، حتى لو كان ذلك مؤلماً”، وأضافت الصحيفة أنه “قلة من المراقبين يتوقعون الكثير من الإنجازات الملموسة من إقامة بايدن، كما سيتعين على الرئيس الأمريكي، خلال هذه الزيارة تجنب العديد من المآزق، لا سيما المصافحة المحتملة مع محمد بن سلمان التي سيتم بثها في جميع أنحاء العالم، فهذه الصورة من شأنها أن تثير انتقادات شديدة في واشنطن وتفسد حالة الرئيس من منطلق أن الديمقراطيات يجب أن تحبط أهداف الأنظمة الاستبدادية”، ولفتت الصحيفة إلى أنه بالرغم من الإحراج الذي تسببه زيارة بايدن، إلى السعودية أمام الداخل الأمريكي، لكن إدارته تجد ضرورة ملحّة لها، حيث قالت: “خلال الأشهر القليلة الماضية خلص بايدن وفريقه إلى أنه يجب عليهم تكثيف وجود واشنطن في الشرق الأوسط لإحباط التعدي من قبل الصين وروسيا، لإبعاد طموحات إيران النووية”، مضيفة أن “هناك مسألة مزعجة تتعلق بالحاجة إلى مساعدة المملكة العربية السعودية للحفاظ على تدفق النفط العالمي بعد تضاؤل الصنبور القادم من روسيا في أعقاب غزو أوكرانيا”.
وفي هذا الصدد نشرت “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية: “أن الخبراء واثقون من أن هذه الزيارة سوف تحدد ما إذا كان بايدن سينجح في إحراز تقدم بقضية النفط وإقامة علاقات إقليمية، والآن يحتاج الزعيم الأمريكي إلى الحد الأدنى من النجاح على الأقل لتسويغ التفاتته نحو السعودية أمام منتقديه، بما في ذلك من الجناح التقدمي بالحزب الديمقراطي”.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية إلى أن زيارة بايدن إلى السعودية، تعتبر انتصاراً كبيراً للرياض، حيث قالت: “تشكل الزيارة بالنسبة للسعودية بلا أدنى شك انتصاراً سياسياً كبيراً لموقف المملكة، ولمعركة الهيبة والحضور والموقع التي خاضها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”، مشيرة إلى أن “واشنطن اليوم ليست في أفضل أحوالها، وهذا أمر يحزن حلفاءها في الشرق الأوسط، ويفرح أعدائها”.
وحول احتمال ولادة حلف عسكري يضم “إسرائيل” ودول عربية لمواجهة إيران، بعد هذه الزيارة نشرت “رأي اليوم” مقالاً بعنوان “ما هي الهدية التي ستقدمها أمريكا لإسرائيل خلال زيارة بايدن للإقليم؟”، قالت فيه: “إن مهمة الرئيس الأمريكي تواجه صعوبات قد لا تمكنه من تقديم هديته كما تم الإعداد والتحضير لها، فلا توجد مصلحة للعرب بانضمامهم إلى أي حلف عسكري تتواجد فيه إسرائيل وهي العدو التاريخي لهذه الأمة”، مشيرة إلى أن “عوامل نجاح أي حلف تتمثل في تحديد المهمة والأهداف والالتقاء عليها، ومن الصعب على الدول العربية أن تتفق مع إسرائيل على هاتين النقطتين، لاسيما وأن موجبات الفشل قد تضخمت مؤخراً بعد انكشاف الوزن الحقيقي لأمريكا في العالم، وظهور ذلك جلياً على الساحة الأوكرانية وأثناء تعرض السعودية والإمارات للعدوان الحوثي”.
وكذلك نشر معهد الشرق الأوسط للدراسات مقالاً بعنوان “كيف ترى إيران زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط؟”، قال فيه: “لا يبدو أن طهران تتوقع أن تؤدي زيارة بايدن، إلى إطلاق تحالف عسكري إقليمي جديد يستهدف إيران بقيادة واشنطن، وهذه القراءة الإيرانية قد تكون صحيحة. ولكن في الوقت نفسه، تدرك طهران أيضاً أن الولايات المتحدة لديها الدافع والقدرة على تعبئة شركائها في الشرق الأوسط في وقت يدفع فيه الغزو الروسي لأوكرانيا واشنطن لإعادة بناء سمعتها كضامن أمني يمكن الاعتماد عليه للشركاء في أوروبا وشرق آسيا، وكذلك الشرق الأوسط”، لافتاً إلى أن كلاً من الجانبين الإيراني والأمريكي لديهما أساليبهما في الضغط.
يشير محللون إلى أن تحقيق الأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم من جولة واحدة، لافتين إلى أنه في الوقت الذي تجهد فيه الإدارة الأمريكية إلى إعادة تجميع حلفائها الشرق أوسطيين حولها، ثمّة قوى جديدة ترفض فكرة الهيمنة الأمريكية بدأت تتواجد بقوة في المنطقة، وتعمل على تطوير قدراتها الاقتصادية والدفاعية بصمت، لافتين إلى أن أقصى ما يمكن أن يصل إليه بايدن خلال هذه الجولة هو صفقة نفط من السعودية التي تعهّد سابقاً أن يجعلها دولة منبوذة، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.