خاص || أثر برس تكثر الأحاديث في مثل هذه الفترة من السنة عن قناديل البحر والتوجّس منها بسبب لسعتها المؤلمة، ما يجعل صور وفيديوهات توثيق ظهورها في أواخر الشتاء وبداية الربيع يثير حفيظة المتابعين بالرغم من أن ظهورها بات حدثاً طبيعياً في فترتي الربيع والصيف، خاصة خلال السنوات العشر الأخيرة.
وقال الدكتور في البيولوجيا البحرية الدكتور سامر ماميش لـ”أثر” إن ظهور قنديل البحر وبكثافة في المياه في هذه الفترة من السنة هو أمر طبيعي جداً، وهي من نوع قنديل البحر الرحال أو الروباليما، فمنذ عام 2010 وحتى تاريخه باتت قناديل البحر تظهر في شرق المتوسط بأعداد كبيرة في فترتين الأولى بين نهاية شباط وأواخر نيسان، والفترة الثانية خلال شهري تموز وآب، في حين تبدأ القناديل بالتلاشي مع بداية أيلول.
وأشار ماميش إلى أنه تم تسجيل أول ظهور لقنديل البحر في سوريا في الثمانينيات بأفراد قليلة ثم ازداد بعد أن استوطن في شرق المتوسط قادماً من المحيط الهندي، الهادي، البحر الأحمر.
وأكد ماميش وجود أكثر من 40 نوع من قناديل البحر في شرق المتوسط، تنتمي لشعبتي اللاسعات تتميز بوجود مظلة (قبعة) تتدلى منها أذرع فيها خلايا لاسعة ويتراوح قطرها بين 5 سم إلى 1 متر، وشعبة المشطيات التي يطلق عليها أيضاً تسمية (عناكب البحر) لها خلايا دابقة وصغيرة الحجم ويتميز شكلها بأنه كالكمثرى كروي متطاول، وكلا النوعين يتغذيان على العوالق الحيوانية والأفراد الصغيرة من قناديل البحر.
وأشار ماميش إلى وجود قنديل بحر هلامي يطلق عليه تسمية Pelagia noctiluca، تم تسجيل أول ظهور له عام 2012 في غرب المتوسط، ليتم بعد خمس سنوات أي في عام 2017 تسجيل أول جائحة له أي ظهر بأعداد كبيرة، مضيفاً: “فجأة يظهر بتجمعات كبيرة وقد تم تسجيله عند البحوث البحرية والبسيط وجبلة وهو قادم من البحر الأدرياتيكي وغرب المتوسط ويتراوح قطره بين 3-10سم”، مؤكداً أنه يظهر في أيار، ولسعته مؤلمة جداً تترك أثراً مثل الوشم بلون زهري أو بنفسجي يدوم لسنوات.
ونوّه ماميش إلى أن ظهور قناديل البحر غير قابل للتنبؤ، إذ قد يمر عام كامل من دون تسجيل أي ظهور له، موضحاً في الوقت ذاته أنه يظهر في الأجواء السديمية ذات الحرارة العالية، أو بعد تيار بحري قوي إذ تقذف الأمواج قنديل البحر إلى الشاطئ خاصة في الخلجان والمرافئ ويكون حجمه كبير وليس لديه مقاومة فيتم لفظه على الشاطئ، ويموت خلال ساعات بسيطة، إذ تخرج منه المياه التي تشكل أكثر من 94%، ثم تتفكك المادة الهلامية البروتينة تحت أشعة الشمس، محذراً أثناء ذلك من لمس قنديل البحر لأنه يبقى قادراً على اللسع.
وأكد ماميش أن قناديل البحر من الهائمات المائية التي لا تقوم بالحركة الذاتية، وإنما الأمواج هي التي تقوم بتحريكها وقذفها باتجاه الشواطئ، ودورة حياة قنديل البحر قصيرة جداً إذ لا تتجاوز شهر ونصف كحد أقصى.
ويشكل قنديل البحر، هاجساً لدى البعض إذ تعد لسعته واحدة من المشكلات الشائعة نسبياً بين من يسبحون في مياه البحر، حيث يمكن للمجسات الطويلة التي تخرج من جسم قنديل البحر أن تحقنك بالسم من آلاف الإبر المجهرية الشائكة، وتتفاوت لسعات قنديل البحر في حدتها تفاوتاً كبيراً، وغالباً ما تؤدي إلى ألم واحمرار فوري وعلامات تهيج على الجلد.
صفاء علي