على الرغم من التأكيدات التي سوّقها في الأيام الماضية مسؤولو “المجلس الوطني الكردي” بعدم وجود أي عوائق أو عقبات أمام انعقاد مؤتمرهم الرابع في القامشلي شمال شرق سوريا، ولاسيما بعد سماح “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” لهم، بإجراء تحضيرات المؤتمر تنفيذأ للرغبة الأمريكية، فإن “الإدارة الذاتية” منعت “الوطني” من عقد المؤتمر في صالة “زانا” المقرر انعقاده فيها، بحجة عدم وجود تراخيص.
وبعد المنع، انتقل المشاركون في المؤتمر إلى مقر “الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا” الذي يعد نواة “المجلس الوطني”، غير أن “الأسايش” التابعة لـ “قسد”، وصلت أيضاً إلى المقر ومنعت المشاركين من إتمام نشاطهم، وهذا بدا إصراراً على معاقبة “الوطني”، لامتناعه عن التقدم بطلب رخصة إلى “الأسايش”، اعترافاً بسيطرة “قسد” على مدينة القامشلي، بحسب مانقلته جريدة “الأخبار” اللبنانية.
من جهته، قال رئيس “المجلس الوطني الكردي” سعود ملا، في كلمة ألقاها أمام المؤتمرين: “للأسف لن نتحد؛ نحن نقاتل بعضنا ونهجم على بعضنا ونؤخر تحقيق مطالبنا، نحن أتينا لنعقد مؤتمرنا، مع أنهم كانوا قد رخصوا لنا لإقامة المؤتمر في صالة زانا، لكن للأسف هم ليسوا أصحاب قرار موحد، كل أربعة منهم بقرار والأربعة قرارهم مختلف”.
وأضاف: “إنهم أعطونا الموافقة من خلال الأمريكيين (يقصد حزب الاتحاد الديمقراطي)، ومكتب مظلوم عبدي (قائد “قوات سوريا الديمقراطية”) وتم تبليغهم، وهم بدورهم أبلغوا إدارة الصالة المزمع عقد المؤتمر فيها، بإقامة المؤتمر فيها، وذهبنا واستكملنا تحضيراتنا هناك وأتى المؤتمرون، لكن الأسايش الآن منعت انعقاد المؤتمر”.
وأشار رئيس “الوطني “إلى أن “قسد” ترفض وجود أيّ شريك سياسي لها في المنطقة، وإن ما حصل يؤكد ذلك، موضحاً أن “هذا التعطيل يعد إفشالاً لأيّ جهود أمريكية وغربية لإعادة مسار الحوار الكردي – الكردي، من قِبَل تيّار سياسي لم يجلب للمنطقة إلّا الخراب، مقابل بعض المكاسب الضيّقة”.
يأتي ذلك في الوقت الذي ترغب فيه واشنطن بالتوصل إلى اتفاق بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي يقود “الإدارة الذاتية” والمدعوم أمريكياً، و”المجلس الوطني الكردي” المدعوم تركياً، إذ أوكلت أمريكا هذه المهمّة إلى مبعوثها الجديد لـ “قوات سوريا الديموقراطية – قسد”، “نيكولاس جرانجر”، الذي تم تعيينه في نهاية آب الماضي، خلَفاً للمبعوث الأمريكي السابق “ماثيو بيرل”، بعد أن فشلت المساعي الأمريكية خلال الأشهر الماضية في توفير المناخ المناسب لاستئناف المفاوضات.
ويعد “المجلس الوطني” و”حزب الاتحاد الديمقراطي”، أكبر كيانين سياسيين في المشهد السوري الكردي، وكانا قد دخلا في حوار خلال عام 2020 بدفع من وزارة الخارجية الأمريكية، إلا أنه فشل في التوصل إلى اتفاق يمهد الطريق لتشكيل مرجعية سياسية واحدة للكرد السوريين.
وتشكّل “المجلس الوطني الكردي” في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول 2011، في إقليم “كردستان العراق”، من ائتلاف العديد من الأحزاب السورية الكردية، وانضوى لاحقاً في صفوف “المعارضة السورية” من خلال الانضمام الى “الائتلاف المعارض”.
يشير محللون إلى أن واشنطن تكتفي بـ “قسد” في المنطقة، لِكونها تُعدّ شريكتها، فيما لا يملك “المجلس الوطني” أيّ قوّة عسكرية، ولا حاجة إلى التحالف معه، وإن كانت الولايات المتحدة جدّية لخروج الحوار الكردي المشترك بنتائج إيجابية، فإنها ستضغط على حليفتها “قسد” لإتمام ذلك.
أثر برس