أثار تصريح الرئيس التركي الأخير في منتصف الشهر الجاري بشأن التقارب مع سوريا اهتمام المراقبين، من جهة اتباع أردوغان تكتيكاً جديداً عندما قال: “هو الذي طلب إلى الرئيس بوتين أن يجمعه بالرئيس الأسد بعد سلسلة من اللقاءات بين مسؤولي الاستخبارات ووزراء الخارجية والدفاع في البلدين”، خلافاً لتصريحاته السابقة التي تحدّث فيها عن احتمال اللقاء بالرئيس الأسد بالوساطة روسيّة.
وتعليقاً على ذلك، يرى الكاتب التركي حسني محلي في مقال له في “الميادين نت” أن “أردوغان لا ولن يستعجل السير في خطوات عملية لمصالحة الرئيس الأسد ما دام لا يتعرض لضغوط جادّة من الرئيس بوتين”، لافتاً إلى أن “الرأي السائد في الشارع التركي هو أن موسكو تدعم الرئيس التركي وتقدّم له كل مساعدة مالية (موسكو تبيع الغاز لتركيا بالدين المؤجل إلى عام 2024) لضمان بقائه في السلطة، وهو ما تسعى له أبو ظبي والرياض والدوحة التي تتسابق لتغطية العجز الكبير في المصرف المركزي التركي واحتياطياته من العملات الصعبة، بعدما زاد على 60 مليار دولار”.
وأضاف محلي أن “أردوغان لا ولن يلقي أي خطوة عملية على طريق المصالحة مع الرئيس الأسد أيضاً، إلاّ بعد أن يتعرض لضغوط جادّة من العواصم العربية التي يعرف جيداً أيضاً أنها ما زالت ضد دمشق لأسباب معروفة، وأهمها العلاقة الجيدة بين سوريا وإيران”، مؤكداً في الوقت نفسه أن “أردوغان لا يريد أن تستغل المعارضة قضية اللاجئين السوريين بكل تبعاتها في الحملة الانتخابية التي استنفر من أجلها كل إمكانيات الدولة التركية بعد أن اضطر إلى مصالحة الرياض والقاهرة وأبو ظبي و”تل أبيب”، ناسياً كل ما قاله عن زعمائها في السنوات الماضية”.
وأوضح الكاتب التركي أن “أنقرة ترى في الوجود الأمريكي والغربي والإسرائيلي في شرق الفرات عنصراً إضافياً يدعم حساباتها في مساومة دمشق التي لا تريد أن تبقى بين فكي الكماشة التركية من الشمال والأمريكية من الشرق، وهو ما سيمنعها من المساومة الجادة مع الرئيس التركي الذي لا يفكر في الانسحاب من سوريا إلا في إطار صفقة إقليمية ودولية تلبي كل شروطه ومطالبه، وأهمها ضمان بقائه في السلطة”.
يظن أردوغان أن التشابك في الأزمة السوريّة المعقدة سيكون لمصلحته وسيزيد قوة أوراق المساومة التي يملكها في سوريا والمنطقة عموماً، وفق محلي، الذي يرى أيضاً أن “جميع المكاسب التي حققها الرئيس التركي في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد الموافقة الروسية-الأميركية على دخول القوات التركية إلى سوريا في 24 آب 2016، لن يتنازل عنها بسهولة في أثناء التفاوض مع دمشق”.
أثر برس