خاص|| أثر برس أثارت الأنباء الأخيرة التي نُشرت عن وسائل إعلام روسية وصفت بـ “المعارضة” وأخرى تابعة للكيان الإسرائيلي، تساؤلات كثيرة حول التغيرات المحتملة في هيكلية انتشار القوات الروسية والإيرانية في سوريا.
حيث تحدثت صحيفة “موسكو تايمز” الروسية التي تتخذ من العاصمة الهولندية “أمستردام” مقراً لها، عن تغييرات جديدة في هيكلية تواجد القوات الروسية في سوريا، وتضمنت التغيرات قيام القوات الروسية بإخلاء بعض المواقع العسكرية التابعة لها في عدد من المناطق السورية لتحل مكانها قوات إيرانية في محاولة من موسكو لنقل جزء من قواتها إلى الجبهة الأوكرانية.
وأفادت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، أن “القواعد الجوية العسكرية الروسية التي تم إخلاؤها أو تقليص الوجود الروسي فيها، تم تسليمها إلى الحرس الثوري الإسلامي وحزب الله، وأن الحديث يدور، وفقاً للصحيفة، عن تجميع القوات الروسية في قاعدة “حميميم” وفي مطار القامشلي ومطار آخر في دير الزور، فضلاً عن تركيز بعض القوات التي سيتم نقلها في مطار تيفور قرب حمص.
ماذا يقول المختصون؟
إنّ ما ذكر لم يتم تأكيده أو نفيه من أي جهات رسمية في دمشق أو طهران أو موسكو، الأمر الذي دفع بعض الخبراء والمهتمين بالشأن السوري إلى التشكيك بمصداقية ما ذكر، مؤكدين أنّ وجود القوات الروسية والإيرانية في سوريا حصل بموافقة دمشق وأي تغيير في تواجدهما على الأرض لا يمكن أن يتم دون العودة لها، حيث استبعد في هذا السياق الخبير العسكري العميد هيثم، في تصريح لـ “أثر” حقيقة ما نشر بالمطلق، مشيراً إلى أنّ الصحيفة تقول إنّ عدد القوات العسكرية الروسية في سوريا 63 ألف جندي، وهذا مبالغ فيه.
وأشار إلى أنّ حجم القوات الروسية الحقيقي في سوريا بحدود 10 آلاف جندي بما فيهم القاعدة البحرية والقاعدة الجوية والمستشارين والخبراء الروس الذين يعملون لصالح الجيش السوري”، مؤكداً أنّ “حجم القوات الروسية الموجود في سوريا غير قادر على تغيير موازين القوى بالنسبة لروسيا في أوكرانيا”، وهنا يتفق رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الحسكة الدكتور أحمد إدريس وفقاً ما صرح به لـ “أثر” مع حسون في هذه النقطة، مؤكداً أنّ موسكو لم تسحب أي قوات، وما جرى هي تبدلات دورية تحصل، ورغم معركتها في أوكرانيا إلا أنّها لم تنكفأ عن الحرب في سوريا، وما يؤكد ذلك الضربات المشتركة السورية الروسية مؤخراً في منطقة خفض التصعيد”.
تعزيز الوجود الإيراني في شرق الفرات أصبح ضرورة:
يعتبر الخبراء أنّ التطورات الأخيرة في الحرب (الروسية – الأوكرانية) وارتباط مصالح الفواعل الدولية الجيوسياسية والاقتصادية، ربما دفع إلى إعادة النظر في ترتيب الوجود الإيراني في البلاد، حيث يؤكّد في هذا السياق رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية أنّ ما يحصل اليوم في منطقة شرق الفرات حقيقةً هو تعزيز الوجود الإيراني، مشيراً إلى أنّ اقتراب أنقرة من الصف الغربي ضد روسيا في الحرب الأوكرانية دفع إيران إلى تقوية وجودهم في منطقة شرق الفرات تحسباً لأي توغل تركي محتمل فيها، لافتاً إلى أنّ تدخل تركيا في أوكرانيا يعني “إعادة علاقتها الاستراتيجية مع الكيان الإسرائيلي وهذه مسألة خطيرة، تهدد تواجد محور المقاومة من دمشق إلى طهران”.
ويعتقد إدريس أنّه وبسبب ضغط المقاومة الشعبية فإن القوات الأمريكية هي في وارد الانسحاب، ولكن إن انسحبت لا تنسحب بالمجان فمن المحتمل أن تفتح الباب لتركيا للسيطرة على شرق الفرات على حساب “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”.
وإنّ حصل هذا السيناريو برأيه، فإنّ ذلك سيكون مربكاً بشكل كبير لسوريا وإيران وروسيا وخاصة في ظل انتشار القواعد العسكرية التي يديرها “الموساد الإسرائيلي” في شمال العراق.
وبيّن إدريس أنّ التطورات الأخيرة التي حصلت على الحدود السورية-العراقية وكثافة تواجد الحشد العشبي وتعزيز وجود القوات الإيرانية، وهذا يشير إلى أنّ محور المقاومة متحسب لأي تطورات، فهم لن يتركوا المنطقة شرق الفرات بيد روسيا فقط رغم وجود تنسيقات عسكرية مشتركة، لذلك تعزيز الوجود الإيراني في شرق الفرات بات ضرورة لأن محور المقاومة قرأ قواعد الاشتباك بدقة هذه المرة.
وأضاف، “الروس قد يصمتون طويلاً بسبب أوكرانيا على تعزيز الوجود الإيراني في مناطق وجودهم في سوريا وربما يكون برضائهم وما حصل وسيحصل ربما يكون بالتشاور مع موسكو، لأن الموقف اليوم الروسي من إسرائيل موقف سلبي لهذا الموضوع تم إعطاء ضوء أخضر لتوسيع وجود إيران في المنطقة، واعتبر إدريس أنّ زيارة الرئيس بشار الأسد مؤخراً إلى طهران لا يمكن فصلها عن هذه التطورات، فهي تحمل رسالة هامة برأيه، لدول الخليج مفادها أنّ شراكة دمشق مع طهران استراتيجية ولا يمكن قبول أي شيء منها لا يتوافق مع التحالف بين البلدين، فسوريا وإيران ترتبطان بمصالح سياسية واقتصادية كبيرة وكلاهما بلدين محاصرين من الدول الغربية ولعل اقتراب إيران وتوقيعها للاتفاق النووي سيخرج البلدين من هذا الوضع.
في سياق متصل، لم يفصل إدريس دور الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو فيما يحصل حالياً، حيث قال: “إنّ الصراع اليوم في شرق الفرات، هو بين محور المقاومة وحلف الناتو الذي يهدف إلى تعزيز أمن اسرائيل، وجوده في أربيل يعني فصل محور المقاومة، لتحقيق أهداف جيوسياسية لفصل محور المقاومة جغرافياً وأخرى اقتصادية لنهب الموارد من المنطقة”.
ورأى في انفتاح الاتحاد الأوروبي على مناطق شمال شرقي سوريا بالتنسيق مع أردوغان، وضخهم ملايين اليوروات يثير مخاوف كبيرة، رغم أن الاتحاد الأوروبي ليس في وارد التعاون مع تركيا لاعتبارات متعددة أبرزها الاعتبار الديني. وأضاف، كذلك حديثهم عن فتح المجال للشركات الغربية العمل والاستثمار في المنطقة ليس إلا محاولة لتكريس انفصال المناطق المحتلة.
قصي المحمد