تم التوصل أمس الأربعاء إلى هدنة بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي بوساطة مصرية- قطرية، وتقضي بنود الوساطة بالإفراج عن 50 أسيراً “إسرائيلياً” من المستوطنيين مقابل 150 أسيراً فلسطينياً، كما تُلزم بنود الهدنة جيش الاحتلال بعدم التعرض لأحد في قطاع غزة سواء كان براً أو جواً.
وعلّق رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” على هذه الهدنة بقوله: “كان قراراً صعباً لكنه القرار الصحيح”، وفي هذا السياق لفتت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية في تقرير ترجمه موقع “العربي الجديد” إلى أن “كلمات نتنياهو تشير إلى خيبة الأمل التي تخبئها العديد من الدول في العالم العربي وأوروبا، والتي كانت تحث على وقف إطلاق النار على المدى القصير على أمل أن يؤدي ذلك إلى شيء أكثر ديمومة”.
وأضاف التقرير أنه “بما أن الأسرى كانوا ضحايا فشل إسرائيل في الدفاع عن حدودها وحماية مواطنيها في 7 تشرين الأول، فقد كان هناك شعور متزايد بأن التخلي عنهم مرة أخرى من خلال الانسحاب من صفقة الهدنة سيكون أمراً غير مبرر، على أن تبدأ الحرب من جديد لاحقاً”.
وفي السياق نفسه، نقلت قناة “الحرة” الأمريكية عن الخبير الأمني، الضابط في المخابرات المصرية سابقاً، اللواء محمد عبد الواحد، قوله: “إن قبول الحكومة الإسرائيلية للاتفاق بعد مماطلتها في المفاوضات، جاء بعد ضغط داخلي متزايد من عائلات المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة، ووجود حالة من عدم الثقة ما بين المكون العسكري والسياسي، وخلافات داخل الحكومة والمؤسسة العسكرية، خاصة مع دخول الحرب يومها السابع والأربعين من دون تحقيق أي من الهدفين المعلنين، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يقاتل بأحدث التقنيات وأفضلها، لكنه بدأ الحرب بمعلومات استخباراتية مضللة”.
وأوضح عبد الواحد أن “إسرائيل تروج للهدنة بأنها نجاح ونصر، لكنه في الحقيقة هو تهدئة لأسر الأسرى وحالة الغليان داخل المجتمع الإسرائيلي”.
بدورها نشرت الخبيرة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي “أوريت بيرلوف” منشوراً على حسابها في منصة “X” قالت فيه: “إسرائيل فشلت في حماية حدودها ومواطنيها، على المستوى الاستخباراتي والعملياتي واللوجستي وأكثر من ذلك، وكذلك عندما فشلنا في تحديد مكان الرهائن وإعادتهم، أو تدمير نظام القيادة والسيطرة التابع لحماس، رغم عشرات الآلاف من الأطنان من الذخيرة خلال 46 يوماً، كما فشلنا في تحييد ردع حزب الله في الشمال وإطلاق النار من لبنان، كما فشلنا في تحديد أهداف حربية واقعية وقابلة للتطبيق، وفي وضع أهداف مستقبلية واقعية لنهاية الحرب، والاكتفاء بالتعبير عن الأمل”.
أما فيما يتعلق بالمقاومة فإن المعادلة مختلفة، إذ بيّن الخبير الأمني، الضابط في المخابرات المصرية سابقاً، اللواء محمد عبد الواحد، أنه “نحن المحللين، كنا نظن أن صواريخ الحركات المسلحة في غزة قاربت على الانتهاء، وقدرتها على المقاومة أيضاً تقل مع الوقت، لكننا وجدنا أن حماس لا تزال تفرض سيطرتها على الأرض على الرغم من وجود قوات عسكرية إسرائيلية منتشرة وتطوق شمال غزة بالكامل، بأربع ألوية دبابات وأربع كتائب مشاة ومثلها من المدفعة وسارية استطلاع، بالإضافة إلى قوات النخبة غير المدربة على حرب الشوارع”، وفق ما نقلته قناة “الحرة” الأمريكية.
كما أوضح تقرير نشرته صحيفة “المدن” اللبنانية أن “محور المقاومة بدأ إعلان الانتصار مع الوصول إلى اتفاق الهدنة، وهذا الانتصار له جملة اعتبارات، أولاً: أن حركة حماس بقيت صامدة عسكرياً، ولم ينجح الإسرائيليون في تحقيق أي هدف عسكري، ولا بتوقيف أو أسر أي من قياداتها ولا بتنفيذ عمليات اغتيال بحقهم، كما أن عمليات المقاومة بقيت مستمرة، ثانياً: يعد محور المقاومة أن الاتفاق تم إبرامه مع حركة حماس، وهي التي وافقت عليه، وبالتالي، حافظت حماس على وجودها وجددت الاعتراف بها، على المستويين العربي والدولي، وهذا يتناقض مع ما قاله الأمريكيون والإسرائيليون فيما يتعلق إنهاء حماس وسحقها، والتفكير في مرحلة ما بعدها، ثالثاً: لم يبرز أي دور للسلطة الفلسطينية في هذا الاتفاق، وهي التي كانت بعض الدول تسعى إلى منحها دوراً في غزة”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري: “إن إعلان موعد بدء سريان الهدنة الإنسانية في قطاع غزة سيكون في الساعات القادمة”، ومنذ أن تم إعلان التوصل إلى اتفاق الهدنة نفّذ جيش الاحتلال غارات عدة على قطاع غزة، إذ أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة مساء أمس الأربعاء حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة تجاوزت الـ 14128 شهيداً.