أكد المسؤولون الأمريكيون في تصريحاتهم اليوم السبت أن الغارات الأمريكية التي استهدفت مواقعاً في سوريا والعراق هي مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني، وجاءت رداً على الهجوم الذي تعرضت له القاعدة الأمريكية عند الحدود السورية- الأردنية، الذي قُتل إثره ثلاثة جنود أمريكيين وأُصيب العشرات.
وعلّقت الخارجية الإيرانية على هذه الغارات الأمريكية بقولها: “الاعتداء الأمريكي على سوريا والعراق هو خطأ استراتيجي ارتكبته الإدارة الأمريكية” مضيفة أن هذا الاعتداء “لن يثمر إلّا عن تصعيد التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة”.
واشنطن تؤكد: لا نرغب بالتصعيد
تشير الولايات المتحدة الأمريكية إلى أنها لا تهدف من خلال هذه الغارات توسيع دائرة التصعيد، وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن: “الولايات المتحدة لا تسعى إلى الصراع في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر في العالم، ولكن ليعلم كل من قد يسعون إلى إلحاق الأذى بنا ما يلي.. إذا قمت بإيذاء أمريكي، فسنرد”.
بدوره، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: “لا نريد صراعاً في الشرق الأوسط أو أي مكان آخر لكن الرئيس وأنا لن نتهاون مع أي هجمات على القوات الأمريكية”.
وحرصت التقارير التي نشرتها وسائل إعلام أمريكية، على الإشادة بنوعية السلاح الذي تم استخدامه في الغارات وهو “قاذفات B-1” إذ نقلت شبكة “CNN” الأمريكية عن مسؤول دفاعي قوله:”هي قاذفة قنابل ثقيلة بعيدة المدى يمكنها حمل أسلحة دقيقة وغير دقيق وأشاد بالقاذفات المذكورة بقوله: “أصاب بالضبط ما كنا ننوي ضربه”.
كما نشرت قناة “الحرة” الأمريكية تقريراً لفتت فيه إلى أن “هذه القاذفات دخلت الخدمة في الثمانينات، إلا أنه من المتوقع أن تستمر في مواصلة الطيران بوتيرة العمليات الحالية الصعبة، حتى عام 2040 وما بعده”.
وبالرغم من الإشادة بهذه الغارات وفاعليتها، أشار بعد أعضاء الإدارة الأمريكية إلى أنها لم تكن “مرضية” إذ قال عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور روجر ويكر: “إن هذه الضربات العسكرية موضع ترحيب، لكنها جاءت ثأراً متأخراً للغاية”.
هل حققت الغارات الأمريكية أهدافها الاستراتيجية؟
أشار الرائد المتقاعد في الجيش الأمريكي، مايك ليونز، إلى أن طبيعة الغارات توحي بأن الهدف منها كان لوجستي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مجموعات المقاومة داخل سوريا والعراق لا يزال لديها “قدرات هائلة” وفق ما نقلته شبكة “CNN” الأمريكية.
وفي هذا الصدد، لفتت شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية إلى أن هذه الغارات لن تمنع الجانب الإيراني عن أي إجراء يقرر اتخاذه، وأشار التقرير الذي نشرته “فوكس نيوز” إلى مجموعة أسباب تمنع إدارة بايدن من التصدي لإيران، أولاً: “من المرجح جداً أن تنظر طهران إلى إدارة بايدن على أنها تتجنب المخاطرة بشدة، ومن غير المرجح أن تنخرط معها في مواجهة مباشرة واسعة النطاق”.
ثانياً: “قد ترتكز إيران على ثقتها المتزايدة في القدرة الوشيكة لرادعها النووي، ففي أوائل كانون الثاني أصدر الخبير النووي ديفيد أولبرايت، الذي عمل مفتش أسلحة للأمم المتحدة في العراق، تقريراً قدّر أن إيران تحتاج إلى أقل من أسبوع لبناء أول سلاح نووي لها، بمجرد أن تصدر القيادة الأمر”، مشيراً إلى أن “إيران ربما ترى أن وضعها الجديد كقوة نووية يمثل رادعاً كافياً يمنع واشنطن من شن ضربة انتقامية مدمرة جماعية على إيران”.
ثالثاً: ترى إيران أن لديها ترسانة كافية من الصواريخ والطائرات دون طيار لإبقاء القوات الأمريكية في المنطقة معرضة للخطر، وفق ما أشارت إليه “فوكس نيوز”.
ولفت التقرير الأمريكي إلى أن “في أحدث جهودها لزيادة ترسانتها من الصواريخ الباليستية، أطلقت إيران في 20 كانون الثاني، قمراً صناعياً متقدماً، اسمه ثريا، إلى أعلى مدار فوق سطح الأرض حتى الآن، باستخدام صاروخ قائم 100 ثلاثي المراحل” مضيفاً أن “التقدم في برنامج إيران الفضائي قد يؤدي إلى تقصير الطريق نحو إنتاج صاروخ باليستي عابر للقارات (ICBM) لأن مركبات الإطلاق الفضائية تستخدم تقنيات مشابهة للغاية، وحقيقة أن إيران تعمل على تعميق العلاقات مع روسيا، التي تعد الرائدة على مستوى العالم في مجال إطلاق الفضاء والمعرفة النووية، تجعل التقدم الذي أحرزته طهران في تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أكثر إثارة للقلق”.
ما أسباب هذا التصعيد؟
تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية أن غاراتها تهدف إلى وقف الهجمات التي تتعرض لها قواعدها في سوريا والعراق، إذ تجاوزت حصيلة هذه الهجمات الـ160 هجوم، وتبنت معظم هذه الاستهدافات المقاومة الإسلامية في العراق، مشيرة إلى أن هجماتها تأتي في إطار الرد على الدعم العسكري الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة.
وفي هذا السياق، لفتت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية إلى أن “الولايات المتحدة أصبحت متورطة بشكل متزايد في الصراع، حيث شنت ضربات متكررة للدفاع عن القوات الأمريكية في سوريا والعراق، واستهدفت الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن الذين ضربوا السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو ممر مائي تجاري حيوي”.
يشار إلى أن القوات الأمريكية نفّذت بعد منتصف ليل أمس الجمعة، سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع في سوريا والعراق، معلنة أن هذه الاستهدافات جاءت رداً على الهجوم الذي طال القاعدة الأمريكية عند الحدود السورية- الأردنية والذي تسبب بمقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة آخرين.