خاص|| أثر برس تواجه مهنة الحدادة في دمشق خطر الانقراض، بسبب ظهور مصانع الحديد والصُلب، إذ تحدث عدد من الحدادين لـ” أثر” أن هناك معوقات وصعوبات كثيرة تواجه مهنتهم والتي صمدت على مر الزمان وظلت باقية حتى يومنا الحالي، إذ تعد إحدى أقدم وأهم الحرف.
العمل بمهنة الحدادة متوقف
أبو علي (صاحب محل حدادة) في مدينة جرمانا أوضح لـ “أثر” أن العمل في مهنة الحدادة ينطوي على مخاطر وصعوبات عدة، منها “ثقل الأدوات المستخدمة وثقل وزن المواد الخام نفسها، والتعرض لدرجات حرارة عالية خلال عملية صهر المواد الصلبة”.
وأكمل شارحاً: “إضافة لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، الأمر الذي يضطرنا لشراء المازوت بالسعر الحر كوننا لم نستلم مادة المازوت لتشغيل مولداتنا بسبب وجودنا بمناطق المخالفات والتي لا يمنحون فيها ترخيص إداري لمزاولة العمل”.
وكشف أبو علي أن تكلفة تفصيل الباب تبدأ من مليونين ل.س في الحد الأدنى وقد تصل لـ7 ملايين إذا دخل فيه ديكور وإكسسوار.
بدوره، تيسير (صاحب محل حدادة) في حي المزة أكد لـ”أثر” أن العمل بمهنة الحدادة متوقف هذه الأيام بسبب “فقدان المازوت، وأجور السيارات الغالية إذ تطلب السيارة لنقل باب حديد مسافة أقل من كيلومتر 50 ألف ل.س”.
ونوه تيسير إلى ارتفاع أسعار الحديد، حيث وصل سعر كيلو الحديد المصنّع الخفيف المدهون اليوم إلى 35 ألف ل.س، وتكلفة تفصيل خيمة القرميد تختلف بحسب الحجم والكمية ونوع الحديد، فسعر حجر القرميد الواحد بالسوق 12 ألف ل.س وسعر كيلو الحديد الخام 16 ألف ل.س، وسعر كيلو الدهان الجيد 150 ألف ل.س، مضيفاً: “هذا ما يجعل العمل شبه مستحيل مع هذه الأسعار”.
وطالب المصرف الصناعي مؤخراً بمنح قروض فورية لدعم هذه المهنة على أن لا تقل في هذه الظروف عن 300 مليون ل.س، وبالسماح بزيادة نسبة القرض لمن أخذ قرض ضعيف دون شرط تسديد القرض السابق بالكامل أي دون شروط تعجيزية.
الجمعية الحرفية لتشكيل المعادن عاجزة
بيّن رئيس جمعية تشكيل المعادن في دمشق سهيل الغوراني لـ “أثر” أن هناك صعوبات كبيرة يعاني منها الحدادون أهمها “انقطاع الكهرباء، وعدم منحهم ترخيص إداري بمناطق عشوائية أو سكنية، بسبب أنّ الترخيص لا يُمنح إلا للمناطق الصناعية، وهم لا يستطيعون الذهاب للمناطق الصناعية بسبب الأجور المرتفعة وهذا ما يجعلهم عاجزين عن تأمين المازوت لورشاتهم”.
وتابع: “يضاف لذلك عدم قدرة الجمعية اليوم على تقديم شيء للحدادين، معللاً ذلك إلى أن الحدادين في السابق كانوا يستوردون المواد الأولية عن طريق الجمعية، أما اليوم إذا أراد الحداد الانتساب للجمعية فهي غير قادرة على تقديم أي شيء له وهذا ما يشكل صعوبة كبيرة بالنسبة له”.
المطالبة بمنح ترخيص إداري لحدادي المخالفات
وأضاف رئيس جمعية تشكيل المعادن في دمشق سهيل الغوراني: “يوجد في دمشق مئات الحدادين من غير المنتسبين للجمعية لأن الحرفي الراغب بالانتساب للجمعية سيطلب منه ترخيص إداري أو قد تُطلب منه معاملة تحتاج لثلاثة أشهر لتجهيزها من أجل الحصول على مادة المازوت لورشته وهذا ما سيربك الحدادين”.
وطلب من المحافظة أو الإدارة المحلية أن تسهل على الحدادين معاملة طلب المازوت من خلال منحهم ترخيص إداري.
يشار إلى أنّ إلى عدد الحدادين الموجودين بدمشق كبير جداً، لكن عدد المنتسبين للجمعية قليل ولا يتجاوز الـ 100 حرفي والفعال بينهم 25 حرفي فقط، بحسب ما أوضحته الجمعية.
وقبل أيام، نشر موقع “أثر” تقريراً عن أن مهنة “النجارة” في دمشق تشهد أيضاً تراجعاً ملحوظاً سواء في الانتشار أو في الإنتاج إثر انتشار المعامل الكبيرة والظروف الاقتصادية الصعبة، إذ ذكر عدد من النجارين لـ”أثر” أن هناك مشكلات تواجه مهنتهم التي كانت ترتبط دائماً بالإبداع في هندسة الخشب عدا عن أنها من أقدم المهن المعروفة في العاصمة.
هيفاء إبراهيم