صدر خلال اليومين الفائتين تصريحات متطابقة بين وزيري الخارجية التركي حقّان فيدان، والروسي سيرغي لافروف، أفادت بأنه لا يمكن خلال هذه المرحلة استكمال مسار التقارب السوري- التركي، وذلك على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي استضافته أنقرة بداية الأسبوع الجاري.
تصريحات فيدان ولافروف، جاءت بعد فترة من الجمود على مسار التقارب بين أنقرة ودمشق، وبعد محادثات أستانا 21 في كانون الثاني 2024، قال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف: “منذ نهاية العام الماضي توقفت عملية التقارب السوري- التركي إلى حد ما، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى أن الجانب السوري يرى من الضروري الحصول على تأكيدات من الجانب التركي بأن القوات العسكرية (التركية) الموجودة الآن بشكل غير قانوني سيتم سحبها مستقبلاً”.
وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة “الخليج” في افتتاحيتها: “قمة بوتين – أردوغان ستناقش مبادرة حبوب البحر الأسود التي علقتها موسكو في منتصف تموز الماضي، لكن مسألة تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا ستكون في مقدمة القضايا التي سيتم بحثها، في محاولة لتجاوز العراقيل التي تحول دون ذلك، وهي عراقيل صعبة الحل لم يتمكن مسار أستانا رغم اجتماعاته الـ21” مضيفة أن “مقررات أستانا فشلت في حل القضية الأساسية المتعلقة بتطبيع العلاقات التركية- السورية والمتمثلة بالوجود العسكري التركي على الأراضي السورية، والحماية التي توفرها أنقرة لبعض الجماعات المسلحة التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال سوريا، باعتبار أن هذه المسألة تشكل العقدة الأساسية التي تحول دون التطبيع” وخلُص المقال إلى أن “التطبيع سيبقى مستحيلاً من دون انسحاب تركيا، ولا علاقة لغزة بالأمر”.
الأمر ذاته أشارت إليه صحيفة “الشرق الأوسط” لافتة إلى أن “الوجود العسكري التركي في شمال سوريا يشكل العقبة الرئيسية في سبيل تقدم مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، التي أعلنت أنه لا حديث عن أي خطوات للتطبيع قبل الانسحاب”.
وأضافت الصحيفة أن “موسكو تطرح العودة إلى اتفاقية أضنة لعام 1998، التي تسمح لتركيا بالتوغل مسافة 5 كيلومترات في الأراضي السورية لتعقب عناصر العمال الكردستاني، لكن أنقرة تتمسك بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها مسافة 30 كيلومتراً، وإنشاء منطقة آمنة بهذا العمق لاستيعاب اللاجئين”.
بدوره نقل موقع “عربي 21” عن الكاتب والمحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، قوله: “إن المؤشرات ترجح فشل مسار التطبيع، وخاصة بعد التقارب التركي- الأمريكي الأخير، والخلافات الكبيرة بين الجانبين”.
كما نقل عن الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، قوله: “إن الحرب في غزة غيّرت أولويات معظم الدول الإقليمية، ومنها روسيا وتركيا، لذلك من الطبيعي أن يتراجع الاهتمام بالملف السوري حالياً”.
ويؤكد المسؤولون باستمرار أن الشرط الأساس لاستكمال عملية التقارب السوري- التركي هو انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، ففي آب 2023 أكد الرئيس بشار الأسد في لقاء جمعه مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن موضوع الانسحاب التركي من الأراضي السورية وحتمية حصوله هو شرط لا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية بين دمشق وأنقرة.
وبدأ الحديث عن مسار التقارب السوري- التركي في بداية تموز 2021، إذ أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، حينها نية بلاده لتقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا، وتم حينها إجراء قمة ثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران في طهران، تبعتها لقاءات عدة بين وزراء دفاع وخارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا.