أثر برس

بعد تصعيد الشمال.. كيف يبدو المشهد في الجنوب؟

by Athr Press Z

خاص|| أثر برس شهدت جبهات الشمال السوري تطوراً ميدانياً دراماتيكياً استثنائياً، وبدأت هذه التطورات بعد يوم واحد من التهديدات التي وجهها رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” بشكل مباشر إلى سوريا، وسط تساؤلات حول إمكانية انتقال هذا التصعيد إلى جبهة الجنوب السوري.

أجمعت التقديرات والتحليلات العربية والعبرية على ارتباط التصعيد الذي حدث في الشمال السوري مع تهديدات “نتنياهو”، لافتة إلى أن قرار وقف “إطلاق النار” استفز تيارات عدة في “الداخل الإسرائيلي” ووصفته تحليلات عبرية بـ” الشر الضروري”.

في هذا السياق، أشار المحلل السياسي الدكتور أحمد الدرزي، في حديث لـ”أثر برس” إلى أن “الموقف الإسرائيلي والأمريكي ومعه دول الاتحاد الأوروبي لم يتخل عن سياقه الهادف إلى قطع الصلة بين سوريا ولبنان والضفة الغربية، وقطع الكوريدور الموجود بين إيران والعراق وسوريا باتجاه لبنان”.

الأمر نفسه أكده الباحث البارز في “معهد القدس للاستراتيجية والأمن” والعقيد احتياط “دانيال راكوف” في تحليل نقلته صحيفة “معاريف” العبرية، إذ قال: “إن ما يحدث جيد ومن المتوقع أن يتسع مجال حرية الحركة الإسرائيلي في سوريا”.

ماذا عن جبهة الجنوب؟

التصعيد في الشمال السوري، لاقى ترحيباً من قبل المجموعات المحلية المسلحة المنتشرة في منطقة الجنوب السوري المحاذية للأراضي المحتلة، إذ أشار الدكتور الدرزي لـ”أثر برس” إلى أن “هناك معطيات تفيد بأنه من المحتمل أن نشهد تحركاً في الجنوب السوري”، مشيراً إلى الاعتداءات التي تنفذها المجموعات المحلية المسلحة في درعا والسويداء بشكل مستمر حتى بعد اتفاق عام 2019.

وفي هذا الصدد أفادت مصادر “أثر برس” بأن مجموعات مسلحة اعتدت قبل يومين على حاجز جسر خربة غزالة على الطريق الدولي درعا – دمشق، في حين أكدت المصادر أن اليوم الاثنين عاد الهدوء إلى المحافظة، مشيرة إلى وجود ضبط أمني من قبل اللجان المركزية الرديفة للجيش السوري.

وأوضح الدكتور الدرزي، أن الاحتلال الإسرائيلي، يجد نفسه أمام “خطر وجودي” ومن الممكن أن يجد في تحريك جبهة الجنوب السوري حماية لـ”مصالحه”، وقال: “إن إسرائيل في هذه المرحلة تشعر بخطر وجودي شديد على مستوى شخص بنيامين نتنياهو، وعلى مستوى كل القيادات الإسرائيلية التي تشعر أن ما حدث في جنوب لبنان هو انتصار لحزب الله وبالتالي لا يمكن إلا أن تسعى وتندفع أكثر وأكثر باتجاه دعم كل المجموعات المسلحة في سوريا وتأطيرها أكثر لتأريق الجبهة الداخلية في سوريا”.

ماذا عن الدور الروسي في الجنوب؟

الجنوب السوري كان ضمن حسابات موسكو منذ أن بدأ الاحتلال الإسرائيلي بتكثيف غاراته الجوية على مختلف المناطق السورية ورفع السواتر الترابية وتوغل “الدبابات الإسرائيلية” على طول الشرط الحدودي، بالتزامن مع أعمال تحصينية وإنشائية نفذتها الجرافات “الإسرائيلية” على طول الشريط.

وقابلت موسكو هذه الأعمال بزيادة نقاط مراقبتها جنوبي سوريا، كما علّق مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، على هذه الأعمال بقوله: “في حال تقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو أراضٍ سورية فسنكون أمام سيناريو سيئ، وفي حال حدث هذا السيناريو فإن ردة الفعل ستكون سلبية للغاية”، موضحاً أن “هناك شرطة عسكرية موجودة على خط الفصل في مرتفعات الجولان على خط برافو، وهناك سبع وحدات و8 نقاط مراقبة ويُجرى تسيير دوريات لمراقبة الأوضاع في خط الفصل وإلى هذا الحين لا نرقب أي تصرفات”.

وفي هذا السياق، يشير الدكتور الدرزي إلى أن موسكو في الجنوب قد تكون في موقف “حرج” لأنها ترتبط باتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، لافتاً إلى أن “موسكو ستسعى إلى احتواء الأمر لمنع التصعيد بأي شكل من الأشكال”.

ماذا عن الأردن؟
عند الحديث عن جبهة الجنوب لا بد من الإشارة إلى موقف عمّان، فهي من جهة تقع على حدود سوريا الجنوبية ومن جهة أخرى سبق أن دعمت المجموعات المسلحة في الجنوب بعد أحداث عام 2011، لكن في الأحداث الأخيرة ثمة مؤشرات توحي بالشكل الذي سيكون عليه موقف عمّان في هذه المرحلة، إذ أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، اتصالاً مع نظيره السوري بسام صباغ، وشدد على وقوف بلاده إلى جانب دمشق، كما ناقش رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال اتصال هاتفي مع العاهل الأردني عبد الله الثاني، الأوضاع في سوريا.

وفي هذا الصدد، أفادت مصادر من المعارضة السورية في تركيا، نقلت عنها صحيفة “الأخبار” اللبنانية بأن “المسؤولين الأردنيين طلبوا، اجتماعاً مع فصائل سورية معارضة في درعا وجنوب سوريا، لتحذيرهم من القيام بأيّ نشاط عسكري ضدّ الجيش السوري”، موضحة أنه “لم تقبل السلطات في عمّان أيّ عمل ضدّ الحكومة السورية”.

وتشير التقديرات إلى أن مصالح القوى الداعمة لدمشق تلتقي عند ضبط التصعيد ومنع توسعه، الأمر الذي برز في التحركات الدبلوماسية لبعض الدول بما فيهم دول الخليج، وتشديدها على موقفها المساند لدمشق وسيادتها، مما يشير إلى أنه وفي أقل تقدير، فإن دمشق في هذه المرحلة لن تكون معزولة عن محيطها العربي كما كان الحال عام 2011.

 

اقرأ أيضاً