خاص|| أثر برس تصدّرت الأخبار والمعلومات المتداولة عن عودة انتشار وباء “الكوليرا” في مدينة حلب، أحاديث ومجالس الحلبيين مؤخراً، وانعكست بشكل كبير وملحوظ على واقع الحال في المدينة وأسواقها، وخاصة منها المطاعم ومحال بيع السندويش والوجبات السريعة.
وعلى الرغم من التصريحات الرسمية سواء التي وردت في بيان وزارة الصحة السورية، أم التي أدلى بها مدير صحة حلب الدكتور “زياد حاج طه” لإحدى الوسائل الإعلامية السورية، واللتين اتفقتا على نفي كل الشائعات المتداولة عن تسجيل مئات الإصابات بـ “الكوليرا” في حلب ووصول الأمر إلى مرحلة التفشي، إلا أن حالة القلق والخوف لم تكن خافية على أحد في المدينة، وبات حديث الأهالي فيما بينهم يتركز على عودة الوباء مجدداً إلى مدينتهم، والتحذير من الإصابة بالمرض.
أولى انعكاسات عودة “الكوليرا” إلى حلب، تمثلت بحسب ما نقله مراسل “أثر”، في إحجام الأهالي إلى درجة الامتناع عن شراء الحشائش بمختلف أنواعها (بقلة- نعناع- بقدونس- فجل)، من محال بيع الخضروات والفواكه المنتشرة في مختلف مناطق المدينة، كونها تعد من النواقل الرئيسية للمرض وخاصة أن بعض المزارعين بريف حلب الجنوبي يقومون بسقايتها بمياه غير صالحة للشرب أو بمياه الصرف الصحي، الأمر الذي دفع بأصحاب معظم تلك المحال إلى الامتناع عن تسوقها من سوق “الهال”، تاركين إياها مكدّسة في أكياسها ضمن السوق.
وبيّن عدد من تجار سوق “الهال” في حديثهم لـ “أثر”، أنهم امتنعوا في الأيام الماضية عن استقدام وجلب الحشائش إلى محالهم، نتيجة انخفاض الطلب عليها إلى مرحلة العدم مع بعض الاستثناءات، وبالتالي فإن العمل بها في الفترة الحالية سيعني تكبدهم خسارات قد تكون كبيرة، كون الحشائش معروفة أنها تفسد في وقت قصير وخاصة في درجات الحرارة المرتفعة.
من جانبها تحركت مديرية الشؤون الصحية في حلب بشكل سريع قبل عدة أيام، وسيّرت دورياتها التي جالت على مطاعم ومحال بيع السندويش في مختلف أرجاء المدينة، محذرةً إياهم من استخدام الحشائش في الفترة الراهنة، ومطالبةً إياهم بالاهتمام اهتماماً أكبر في تعقيم وتنظيف الخضروات المستخدمة، حرصاً على سلامة الزبائن، الأمر الذي لاقى استجابة مباشرة بالفعل من أصحاب تلك المطاعم والمحال.
وعلى الرغم من الالتزام الفعلي بتعليمات الشؤون الصحية من معظم المطاعم ومحال السندويش وخاصة الشهيرة منها، فإن حالة الخوف والقلق من “الكوليرا”، أرخت بظلالها القاتمة لناحية حركة الإقبال على الشراء، ولوحظت في اليومين الماضيين، حالة من الكساد الكبير وقلة حركة الطلب على المأكولات الجاهزة، مع بعض الاستثناءات على صعيد محال بيع الفروج (المشوي أو البروستد)، كونها وفق ما أوضحه عدد من الأهالي الذين التقاهم مراسل “أثر” في سوق الخالدية، تعد أكثر أمناً لأنها لا تحتوي على الخضار.
واعتبر صاحب أحد محال بيع سندويش الفلافل الشهيرة في السوق ذاته، أن ما يحدث هو رد فعل طبيعي ومتوقع من قبل الأهالي، وخاصة أن “الكوليرا” فعلياً ما تزال في بداية ظهورها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن حركة الإقبال على محله لم تتأثر تأثراً كبيراً، نتيجة الثقة التي يمتلكها زبائنه بنظافة ما يقدمه إليهم، كما أوضح أنه رفع من درجة تعقيم الخضروات المستخدمة في محله إلى أقصى درجاتها باستخدام عدة مراحل للتنظيف والتعقيم: “لأن سلامة الزبائن تبقى أساس العمل وأساس السمعة الجيدة التي نحفر في الصخر للوصول إليها والحفاظ عليها”.
وأفاد مدير صحة حلب الدكتور “زياد حاج طه”، في لقاء مع وسيلة إعلامية سورية أمس، بتسجيل حالتي وفاة لشخصين مسنين نتيجة إصابتهما بـ “الكوليرا”، مؤكداً أن عدد الإصابات ما يزال قليلاً، ومشافي حلب الحكومية تمتلك كافة الأدوية اللازمة لعلاج المرض بوفرة، بينما شدد مدير مؤسسة مياه الشرب في حلب المهندس “أحمد الناصر” في حديثه أمس لـ “أثر”، على أن المياه التي يجري ضخها لمنازل الحلبيين من محطة “سليمان الحلبي” آمنة بشكل كامل، منوهاً بأن المؤسسة رفعت عملية تعقيم المياه بالكلور أخيراً إلى ثلاثة أضعاف وفق الحد الأقصى المسموح به.
وكانت تعرضت سوريا لعدة موجات من الكوليرا التي عرفت حينها باسم “الهوا الأصفر”، كان آخرها منتصف القرن الماضي، حيث حصد الوباء خلال تلك الموجات أرواح الآلاف من الأهالي وخاصة في حلب وحماة ودمشق نتيجة عدم وجود الدراية الكافية لعلاجه خلال تلك الفترات.
زاهر طحان – حلب