أثر برس

بعد رفع أسعار الإسمنت بنسبة كبيرة.. محلل اقتصادي لـ “أثر”: نحن نقول ما نريد والحكومة تفعل ما تريد

by Athr Press B

خاص|| أثر أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مؤخراً، قراراً يقضي برفع أسعار مادة الإسمنت بنسبة 75% على الطن الواحد، من دون أيّ اعتبارات لمدخول السوريين الشهري، وأيّ توضيحات مقنعة تعقب القرار عن سبب هذا الارتفاع الرئيسي، في وسط ركود تشهده أسواق العقارات في مختلف أنحاء البلاد.

أوضح أبو محمد (موظف حكومي) في حديث لـ “أثر” أنه بعد قرار رفع سعر الإسمنت يقف مكتوف اليدين ولا يعلم ماذا يفعل، وذلك لأنه بدأ منذُ شهر في إعادة بناء منزله الذي تضرر في الحرب في منطقة الحجر الأسود.

وقال أبو محمد إنه سوف يفقد عقله من ارتفاع الأسعار الجنوني في مواد البناء كافة، ويتساءل كيف لهم أن يعيشوا في هذه البلاد ولا أحد يسأل عن الموظف الحكومي البسيط الذي راتبه لا يكفي مواصلات؟، متابعاً أنه يعمل أعمالاً إضافية بعد انتهاء دوامه الرسمي ويوصل ليله بنهاره ليستطيع توفير مبلغ ضئيل ليصلح منزله المتضرر ويقطن فيهِ بدلاً من دفعه إيجار لمنزل الذي كوى جيبه، بحسب وصفه.

بدورها، أم رامي التي بدأت حديثها مع “أثر” بـ “رضينا بالبين والبين لم يرضَ بنا”، مؤكدةً أنها تسكن بمنزل لا توجد فيه شبابيك ولا أبواب داخلية لتوفر إيجار المنزل الذي قطنته، وتعمل لإصلاح غرفة ومنافعها من منزلها بمنطقة سبينة الذي تضرر بالحرب، قائلة: “حتى الغرفة لم أعد قادرة على إصلاحها بعد قرار رفع سعر الإسمنت”.

وفي السياق ذاته، أكد الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق د.عابد فضلية لـ “أثر” أن ارتفاع سعر الإسمنت في مصانع الإنتاج الحكومية والخاصة، سيؤدي إلى رفع أسعار كثير من المواد التي يدخل بها الإسمنت مواد أولية والتي لها علاقة مترابطة في إنشاء مشاريع البنية التحتية الخاصة والحكومية، والمشاريع الاستثمارية التجارية والسكنية وحتى العقارات أيضاً ستخضع للارتفاع، حيث إن الأسمنت يدخل في صناعة البيتون والبلوك والبلاط وأحجار الأرصفة، وسيؤثر كل ما له علاقة بالإسمنت ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار ارتفاعاً كاملاً.

وأضاف فضلية: “لا شك أن يؤثر هذا الارتفاع في حركة بيع وشراء العقارات، وهذا يؤدي إلى تخمين العقار المخصص للبيع بقيمة أكبر، ومن هنا يبدأ الارتباك في حركة تجارة العقارات وحركة بناء وإنشاء المشروعات، حيث بعضها ينفذ بغض النظر عن ارتفاع السعر الإسمنت وبعضها الآخر يعطل ويعرقل ويؤخر في أنشطة التجارة العقارية، ومع مرور الوقت فسترتفع العقارات وهذا منطقي”، متابعاً أنه في هذه المدة يبدو الاقتصاد متعباً وهناك كساد وتضخم وأسعار العقارات مرتفعة ارتفاعاً غير منطقي سابقاً، وبالتالي قد لا يؤثر في الوقت الحالي في أسعار العقارات ولكنه مع مرور الوقت يؤثر.

وكشف فضلية أن رفع سعر الإسمنت يؤدي منطقياً وعملياً إلى رفع تكلفة الإنشاءات والمشروعات العقارية وعمليات الإعمار والبنية التحتية والجسور أكانت مشاريع حكومية أم خاصة، ولكن في المدة الحالية نشاط المشاريع العقارية والبناء شبه صفرية، ولذلك لا يلمس أحد من المتعهدين مباشرة هذا الارتفاع، بالإضافة إلى الكساد والتضخم يؤدي إلى فوضى بأسعار العقارات فوضة جنونية، ومن هنا نستنتج أنه ليس فقط رفع سعر العقارات هو بسبب رفع سعر الإسمنت، وإنما له أسباب عدة.

وبيّن الدكتور فضلية لـ “أثر” أن رفع سعر الإسمنت مبرر من حيث التكلفة، ولكن كان يمكن التريث قليلاً لأن سوريا في مرحلة نهوض حالياً، من بعد القمة العربية وقبلها، والتواصل الاقتصادي بين سوريا ودول أخرى عدة مع بقية الدول العربية، ويعد هذا تفاؤلاً إيجابياً نظرياً، مؤكداً أنه كان يجب تأجيل قرار رفع سعر الأسمنت بما أن الطلب محدود، إلى حينما تتوضح سيرورة الاقتصاد السوري وتحسن الاستثمارات وينخفض التضخم.

ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن الجهات المعنية لا تأخذ رأي أي محلل أو خبير اقتصادي على الإطلاق في أي قرار قبل صدوره، وإنما تأخذ رأي الجهات الأعلى بالموافقة على القرار برفع سعر أي مادة، والجهات الأعلى دائماً توافق على قرارات رفع الأسعار، متابعاً أنه في الدول الأخرى يؤخذ دائماً رأي الاقتصاديين واللجان ومراكز أبحاث بالموضوعات الكلية في مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي، ومن الممكن أخذ رأي الخبراء برفع أسعار الطاقة لأنها تدخل تكلفتها وحاجتها في كل السلع والخدمات، وممكن على الإسمنت لأنه أيضاً يدخل في السلع كلها، ولكن في سوريا الحكومة تصدر قرارات تراها مناسبة من دون مشاورة أي خبير ومحلل اقتصادي، قائلاً: “إن المحلليين والخبراء يبدون آراءهم بما هو سلبي في أي قرار.. المحلليين يقولون ما يريدون والجهات الحكومية تفعل ما تريد وما تشاء”.

وكان مدير التكاليف والتحليل المالي في وزارة الصناعة إياد خضور قد أوضح أن سبب رفع سعر الإسمنت هو ارتفاع التكاليف بنسبة 81% منذ آخر تسعيرة له العام الماضي، لافتاً إلى أن هذا الارتفاع أثر بالتعديل الأخير في الأسعار بنسبة 75%، وأضاف أن حوامل الطاقة تشكل 61% من تكلفة الإسمنت “كهرباء 16%، فيول 44%، زيوت”، مشيراً إلى أن الكهرباء ارتفعت من 300-450 للكيلو وات، والفيول ارتفع من 1200 وصولاً إلى 2000 ليرة للكيلو مع العلم أن هذه الأسعار مدعومة.

وأضاف في حديث لإحدى الإذاعات المحلية، أن هذه الارتفاعات المستمرة مع عدم تعديل سعر الإسمنت كبّد الشركات تكلفة كبيرة وتحملت هذه الزيادات المرهقة على مدار عام كامل، وكان الإسمنت يباع في بعض الأحيان بسعر أقل من التكلفة كما تكبدت الشركات خسائر تقدر بـ50 مليار ليرة، لذا لم يكن هناك خيار إما التوقف عن الإنتاج أو الرفع.

يذكر أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أصدرت قراراً يقضي برفع أسعار مبيع كل أنواع الإسمنت.

وتم تحديد مبيع الإسمنت البورتلاندي عيار 32.5 للمستهلك 397760 ليرة للطن الواحد والذي كان قبل الزيادة يباع للمستهلك بقيمة 216000 ليرة سورية، وبمعدل زيادة قدرها 100% تقريباً.

أما أسعار الإسمنت البوزلاني فقد حدد القرار مبيعه للمستهلك بقيمة 301670 ليرة للطن الواحد، وأسعار مبيع إسمنت آبار النفط 458450 ليرة للطن الواحد، والإسمنت المقاوم للكبريتات 436860 ليرة للطن الواحد، بينما حدد القرار مبيع الإسمنت البورتلاندي عيار 42.5 بقيمة 413490 ليرة سورية للمستهلك.

ديما مصلح

اقرأ أيضاً