خاص || أثر برس
التعليم في بلادنا كما أي تفصيل آخر أنهكته سني الحرب، وبات ندبة واضحة في واقعنا ظهرت آثاره نتيجة لهذه الحرب المُدمّرة، فالحرب ستنتهي عاجلًا أم آجلاً، لكن آثارها ونتائجها الكارثية ستظهر لعقود قادمة كما يحصل دوماً في كل الحروب التي تمزق المجتمع والدول، وهنا الأطفال يدفعون فاتورة باهظة ويتعرضون لشتى أصناف الاستغلال الجسدي والنفسي، ويتهدد مستقبلهم ومستقبل بلدهم على مختلف الأصعدة والمجالات.
حالياً أكثر من ثلث أطفال الحرب في سوريا باتوا يواجهون خطر التحول إلى جيل أمّي أو في أحسن تقدير من غير المتعلمين الذين فقط يعرفون مبادئ القراءة والكتابة، وبحسب تقديرات منظمة “UNICEF” فإن 2.8 مليون طفل سوري غير مسجلين في المدارس في سوريا ودول الجوار، في حين تمكّن نحو 4.9 مليون طفل من مواصلة تعليمهم رغم الحرب والعنف والنزوح المستمر في البلاد منذ العام 2011.
اليوم وبعد هدوء الأحوال نسبياً وانتهاء الأحداث الدائرة، أصبح حصول الأطفال على التعليم أمراً مهماً يحرص الأهالي عليه لتعويض أولادهم ما فاتهم من دراسة في السنوات الماضية، منهم من من اعتمد على الخيام التعليمية كبديل عن المدارس، ومنهم من يلجأ أطفاله إلى العمل ليلاً والذهاب إلى المدرسة صباحاً.
ومنذ عام 2015، أطلقت منظمة اليونيسيف بالتعاون مع وزارة التربية منهاج الفئة “ب”، الذي يستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8-15 سنة ولم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة أو الأطفال الذين يتم إعادتهم إلى المدارس بعد التسرّب لمدّة عام على الأقل.
ويعتمد المنهاج على تكثيف منهاج سنة دراسيّة كاملة بفصل دراسي واحد، وذلك باختيار المعلومات الأساسية التي يجب على التلميذ تعلّمها ليتمكّن من متابعة دراسته، ويضم 28 كتاباً ضمن 4 مستويات تعوّض مدة التسرب المدرسي عامين بعام، ويحتوي على المواد الدراسية ذاتها في المدرسة النظامية، لكنها مكثفة ومضغوطة كالرياضيات والعربي والإنكليزي والعلوم، إضافةً إلى المواد الترفيهية وجلسات دعم نفسي وعلاجي.
وعلى الرّغم من جهود المنظمات الإنسانية العاملة في سوريا بالتعاون مع الحكومة السورية لتحسين عملية التعليم إلا أنّ عدد المدارس التي تستقبل الطلاب والمدارس التي تمّ ترميمها لا يكفي للعدد الكبير من الطلاب، وبحسب منظمة اليونسيف فإن مدرسة من بين كل 3 مدارس تقريباً خارج الخدمة.
وتضمّ معظم المدارس الحكومية العاملة في مختلف أنحاء سوريا أعداداً كبيرة جداً من الطلاب، وتعمل العديد منها بدوامين الأول من السابعة والنصف صباحاً حتى الحادية عشر ونصف، والدوام الثاني من الثانية عشر إلا ربع حتى الثالثة والنصف.
وفي السياق ذاته، يحرص معظم السوريين الذين نزحوا إلى المخيمات التي تقع خارج مناطق نفوذ الدولة السورية في الداخل السوري أو في الدول المجاورة، على إرسال أطفالهم إلى المدارس حتى لو كانت خياماً ليخففوا بذلك من حجم الخسائر الفظيعة التي تسببت بها الحرب، رغم ما تعانيه هذه المراكز التعليمية من الكثير من الصعوبات والعوائق نتيجة قلة الدعم المادي وصعوبة المواصلات للتلاميذ والمعلمين لكن الأمل بإرادة هؤلاء الأطفال ستنتصر على أسوء الظروف في سوريا.
الجدير ذكره أنه قبل الحرب كان جميع الأطفال في سوريا تقريباً مسجلين في المدارس الابتدائية وكانت نسبة التعليم 95% للأعمار ما بين 15 حتى 24 عاماً، أما بعد مرور 7 سنوات على الحرب فهناك الآن نحو 3 ملايين طفل لا يذهبون إلى المدارس، وأضحت سوريا في المرتبة الأولى في أقل نسبة تسجيل في المدارس عالميّاً.
حنان صندوق