خاص|| أثر برس صدر اليوم أول موقف أمريكي رسمي من دخول “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)” إلى مناطق ريف حلب الشمالي، حيث نشرت السفارة الأمريكية الافتراضية في دمشق تغريدة عبر حسابها الرسمي في “تويتر” قالت فيها: إنها قلقة من المستجدات الميدانية بريف حلب، وطالبت “الهيئة” بسحب قواتها من المنطقة على الفور.
بحسب الخبراء، فإن الموقف الأمريكي الذي صدر عن مؤسسة لا تعتبر من المؤسسات الدبلوماسية العليا، جاء بعد أسبوع من الاشتباكات وبعد ثبات خريطة السيطرة في تلك المنطقة لصالح “هيئة تحرير الشام”، يشير إلى أن واشنطن لا ترى أن هذه المستجدات تُشكّل مخاطر على مشروعها، وفي أحسن الأحوال يعبّر عن حالة امتعاض معيّنة من بعض التفاصيل التي تجري في الميدان، وفي هذا السياق قال المحلل السياسي كمال الجفا، في حديثٍ لـ”أثر”: “لا يوجد أي معنى للإدانة الأمريكية لتوسع الجولاني، هذه الإدانة ربما تأتي بسبب امتعاض واشنطن لموضوع تهميش أو ضرب بعض الفصائل التي دُرّبت سابقاً ضمن المشروع الأمريكي وأنا أقصد الفصائل التي تخضع للجيش الحر”، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية قد تكون ممتعضة من تراجع فرص نجاح مشروعها الذي كانت تهدف من خلاله إلى الدمج بين “قسد” وفصائل “الجيش الوطني” التابع لأنقرة، بعد دخول “الهيئة”.
واشنطن تحاول إرضاء حلفائها:
الإدانة الأمريكية تأتي في الوقت الذي يعرب فيه الأكراد عن تخوفهم من تمدد نفوذ “هيئة تحرير الشام” إلى جانب وجود تقارير أمريكية تشدد على ضرورة طمأنة الأكراد، وفي هذا الصدد، قال مدير المركز الإعلامي لـ”قسد” فرهاد شامي: إن “سيطرة الهيئة على عفرين حصل بعد عقد اجتماع بين قادة الفصائل الموالية لتركيا ومتزعمي الهيئة في سرمدا بتاريخ 25 حزيران الماضي، آنذاك قلنا عبر بلاغٍ صحافي: إن أنقرة تحاول تأسيس حزام أسود من التنظيمات المتطرفة، انطلاقاً من الريف الجنوبي لمدينة عفرين وصولاً إلى غرب مدينة عين العرب بريف حلب ورأس العين بمحافظة الحسكة”، وفي هذا الصدد نشر “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” مقالاً أكد خلاله “يجدر بالولايات المتحدة اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع الرئيس أردوغان من تنفيذ تهديداته بالتوغل، ولا بد من اتخاذ إجراءاتٍ إضافية لكبح هجمات تركيا بالطائرات المسيرة وقصفها لمواقع قسد”، مضيفاً: إن “على إدارة بايدن اتخاذ موقفٍ أكثر صرامةً والتهديد بإلغاء عملية بيع مقاتلات إف-16 لأنقرة إذا لم تتراجع، بالإضافة إلى ذلك يجب إعادة نشر نحو 900 جندياً أمريكياً متواجدين في سوريا ليكونوا أقرب إلى المناطق التي تحتلها تركيا والحدود الشمالية، وبالتالي طمأنة حلفاء واشنطن في قسد”.
وفي هذا السياق أشار المحلل السياسي أسامة دنورة، في حديث لـ”أثر” إلى أن “الموقف الأمريكي يوحي بوجود توظيف سياسي وجيوبولوتيكي لتنظيم النصرة عن طريق الجانب التركي أو من خلال أقنية خاصة تتواصل فيها واشنطن مع تنظيم جبهة النصرة، ومن جهةٍ أخرى فعلى الرغم من التوعد لحماية تنظيم قسد، لم تُحرك واشنطن ساكناً لحماية هذا التنظيم وكان ذلك واضحاً في العمليات العسكرية التركية لا سيما في احتلال عفرين، واليوم يعاد احتلال عفرين في تنظيم إرهابي جديد ولا يوجد أي تحرك أمريكي، وتصريح السفارة غير مؤثر، فالأمريكان بإمكانهم أن يتحركوا أكثر من هذا الموقف لو أرادوا، سواء عبر الأتراك أو بالمواجهة المباشرة”، وفي هذا الصدد لفتت سابقاً صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية إلى أنه “تم تصنيف زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، كإرهابي من قِبل الولايات المتحدة منذ عام 2013، لكن بعض المسؤولين في عهد ترامب رأوا في ذلك سياسة أوباما، كانت هناك محاولة لتبييض هيئة تحرير الشام وجعلها تبدو كقوّة شرعية، حتى لو كان ذلك يعني التطهير العرقي في عفرين والعمل مع المتطرفين الذين يقمعون النساء والأقليات، وفي حزيران 2021 بدأ فجأة تنظيم هيئة تحرير الشام الذي يُفترض أن الولايات المتحدة في حالة حرب معه منذ 11 أيلول، بإجراء مقابلات متوهجة، وذكرت تقارير أنه متشدداً قوياً وصفته الولايات المتحدة بأنه إرهابي يسعى إلى علاقة جديدة مع الغرب”.
وتؤكد التحليلات أن تأخر صدور موقف أمريكي علني وطبيعة التصريح ومستوى الجهة التي صدر منها، تعد بالمجمل بمثابة مؤشرات إلى وجود حالة عدم اكتراث أمريكية مما يجري، نتيجة حصول واشنطن على ضمانات معينة وتخدم مصالحها من هذه المستجدات الميدانية، وفي هذا الصدد أكد الجفا أنه “يبدو أن الإدارة الأمريكية ليست هي اللاعب الأساسي فيما يحدث ويبدو أن هناك دور أساسي لتركيا من خلال التنسيق الكامل مع الجولاني ودعوة فصائل وإرغامهم على القتال إلى جانب الجولاني”، مشيراً إلى رغبة أنقرة بهيمنة “الجولاني” خلال هذه المرحلة على مناطق الشمال السوري، وإعادة تشكيل فصائلها، لافتاً إلى احتمال خلق تشكيّل عسكري جديد يقودها “الجولاني” من خلف الكواليس.
زهراء سرحان