خاص || أثر برس ازدادت ظاهرة الأخطاء الطبية في سوريا ما جعلها كابوساً يرافق المريض وذويه بالإضافة لفقدان الثقة ببعض الأطباء لأن أبسط العمليات باتت تهدد حياة المريض وتعرضه لخطر الموت، فكيف إذا كانت عملية بسيطة عبارة عن “قلع أسنان” والضحية طفل؟
الحادثة الأخيرة التي كانت حديث الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي هي وفاة الطفل زين العابدين إبراهيم البالغ من العمر 9 سنوات نتيجة خطأ طبي بحسب ما أكد والده لـ”أثر”.
وشرح القصة وكيف توفي ابنه قائلاً: “كنت مسافراً خارج سوريا وعند عودتي رأيت أن أسنان ابني بها تسوس فأخذته إلى طبيب الأسنان (أ) في مركز بالشهبندر بعد أن نصحني كثيرون به، وبدوره الطبيب قال إن أسنان الطفل زين بحاجة إلى قلع وسحب عصب من الأسنان الأخرى ومعالجة التسوس الموجود وعندها تم قلع سنين وإعطاؤه إبرة تخدير” لافتاً إلى أنه لم تكن لديه مشكلة بدفع التكاليف.
وأضاف إبراهيم أنه “تم تحديد موعد العملية وذهبت وزوجتي (ل. ح) التي تعمل ممرضة في مشفى الأسد الجامعي مع زين إلى العيادة من أجل العملية ودفعت التكاليف فوجدت طبيب التخدير (ع . ب) يقف بجانب طفلي وسأله هل أنت خائف فرد زين عليه “لا” فأعطاه إبرة في فخذه الأيسر وبعد 8 ثوان غاب عن الوعي وقال آخر جملة لي “أنا دايخ يا بابا” وهنا حملته ووضعته على كرسي الأسنان حيث بدأت العملية وجلست ووالدته ننتظره خارجاً”، موضحاً أن الإبرة التي تم إعطاؤها لزين في الفخذ هي إبرة منوم.
وأضاف: “بعد ربع ساعة من بداية العملية لاحظت أن الأطباء (أ) و(ع . ب) بحالة غير طبيعية وعندها دخلت إلى الغرفة للاطمئنان عن زين فرأيت طبيب التخدير يضع له منفسة يدوية ويقوم بعمل تنفساً اصطناعياً له وعندها أخبرني أن الأكسجة لدى زين هبطت وأنه فتح عيناه أثناء العملية ولم يتبق سوى سن واحد لتنتهي العملية وعندها تم إعطاؤه إبرة تخدير ثانية”، مشيراً إلى أنه في هذه الأثناء نادى زوجته كونها ممرضة لسؤالها عن وضع الطفل وعند دخولها ورؤيتها ابنها بهذا الشكل غابت عن الوعي.
وأوضح إبراهيم أن “الطبيب (أ) طلب سيارة إسعاف تابعة لمشفى في كفرسوسة لكنها لم تصل إلى المركز إلا بعد ثلاثة أرباع الساعة لأنها هي بعيدة عن مكان المركز، وكان من المفترض أن يتم نقله إلى مشفى أقرب ولكن تبين أن الطبيب (أ) متعاقد مع هذا المشفى ولهذا السبب تم اختيارها” لافتاً إلى أنه في هذا الوقت هبطت أكسجة زين إلى 60 وعند وصولهم إلى المشفى كانت الأكسجة أَصبحت 30 وتوقف قلبه مرتين وعند الساعة السابعة إلا ربع خرجت طبيبة من المشفى تخبرهم أن زين توفي.
وأشار إلى أنه بعد الوفاة تم نقله إلى مشفى المجتهد وبحسب تقرير الطبيب الشرعي أن سبب الوفاة هو جرعة زائدة من التخدير، موضحاً أنه تم رفع دعوى قضائية بحق الطبيبين المذكورين وتم تشميع المركز بالشمع الأحمر.
رابطة أطباء التخدير:
وبهذا السياق أوضح رئيس اللجنة العلمية في رابطة اختصاصي التخدير وتسكين الألم فواز هلال لـ “أثر” أن “الإجراء المتخذة بحق طبيب التخدير المسبب لحالة وفاة هو تأديب نقابي عن طريق النقابة ومن الممكن إيقافه عن العمل بشكل مؤقت أو كلي ومن الممكن التوجه إلى القضاء المختص ومن الممكن أن يكون العقاب عن طريق كلاهما فكل الخيارات متاحة”، لافتاً إلى أنه في بعض الأحيان النقابة تحول القضية إلى القضاء لأخذ العقوبة المناسبة فإذا ثبت الخطأ الطبي يصنف ضمن القتل دون قصد عن إهمال وسوء احتراز وتكون العقوبة بين 6 أشهر إلى 3 سنوات إضافة إلى وجود غرامة مالية وتعويض.
جوهر المشكلة هو تقص أطباء التخدير:
وتابع أن المعالجة القضائية والقانونية غير كافية لحل هذه المشكلة ولابد من معالجة جوهر المشكلة وهي نقص أطباء التخدير ولابد من معالجتها قبل فوات الأوان، مشيراً إلى أنه سبق وحذر من أن هذه الأخطاء الطبية ستكرر مع اختلاف أسماء الأطباء والضحايا لأن هناك نزيف حاد بعدد أطباء التخدير الموجودين ومعظمهم سافروا خارج سوريا إضافة إلى أن الموجودين يعملون في ظروف عمل صعبة.
واعتبر هلال أن معاقبة الشخص المذنب لا يحل المشكلة الموجودة على أرض الواقع، مبيناً أن حل المشكلة يكون بإعطاء الأطباء حقوقهم وإنصافهم لأن هذا سيكون عامل تحفيز لطلاب الطب البشري بأن يتوجهوا إلى هذا الاختصاص ويصبح لدينا وفرة بالأعداد.
وبين أن معظم أطباء التخدير الموجودين اليوم في المشافي هم من الفئة العمرية التي قاربت على سن التقاعد، أما الجيل الشاب فأعدادهم قليلة جداً والعديد منهم عينه إلى السفر خارج البلد كون فرصتهم بالحصول على عمل كبيرة فهم مرغوبين أكثر من باقي الاختصاصات، مشيرا إلى أن إنصاف الأطباء يكون عبر قرار من وزارة الصحة ووزارة العمل تلزمان من خلاله أصحاب المشافي الخاصة بإعطاء أطباء التخدير حقوقهم تحت طائلة عقوبات تتخذها بحق المخالفين ويكون هناك آلية لتنفيذ القرار.
الجدير ذكره أنه في شهر آذار من العام الحالي توفي الطفل جود سكر البالغ 13 عاماً بعد تعرضه لخطأ طبي بإحدى مستشفيات دمشق الخاصة، ودخل بغيبوبة على أثرها استمرت منذ 11 شباط حتى يوم وفاته وارتكب الخطأ فني التخدير والطبيب المعالج.
لمى دياب – دمشق