خاص || أثر برس على شاطئ مدينة جبلة، يضرب الشاب آرام داؤود موعداً يومياً يسرّع إليه الخطا فلا يشغله عنه شاغل ولا يحول بينهما عائق، حيث يحمل في جعبته عدداً من الأكياس التي يبدأ بفردها الواحدة تلو الأخرى ليجمع فيها القمامة الموجودة على الشاطئ، ويحملها إلى مكبات القمامة، ثم يأخذ نفساً عميقاً بعد أن ينظر إلى المساحة التي باتت خالية من أي أوساخ، مهما بلغت مساحتها، وهو يبتسم، ويرنو بلهفة لموعد اليوم التالي.
انطلاقاً من شغفه بالبيئة، يعمل داؤود (ابن مدينة جبلة) بمفرده يومياً على تنظيف الشاطئ من دون كلل أو ملل، ويقول لـ”أثر”: المبادرة التي أنفذها يومياً على شاطئ جبلة، تشمل أنشطة تنظيف فردية، حيث أجمع الأوساخ والأكياس بعد أن يذهب مرتادو الشاطئ إلى منازلهم ليلاً، ثم أرمي بالأكياس التي جمعتها في مكبات القمامة الموجودة على الكورنيش.
ويتابع: بدأت بالمبادرة بشكل بسيط نهاية عام 2022 عندما كنت أقوم بالرياضة الصباحية على شاطئ جبلة، ثم بدأت أكثف العمل في تنظيف الشاطئ يوماً بعد يوم، حتى قررت في آب الماضي القيام بحملة مكثفة مدتها شهر أو أكثر لتنظيف الشاطئ بكامله، مشيراً إلى أنه كان بدأ مؤخراً بتوثيق عمله بالصور لتحفيز الناس على القيام بأنشطة مشابهة ولو جاءت صغيرة وبسيطة، انطلاقاً من أن تراكم الأنشطة الصغيرة من شأنها أن تترك أثراً حولنا.
وأكد داؤود أن مبادرته شخصية من دون تشجيع أو دعم من أحد، خاصة أنه لدي اهتمامات بيئية منذ سنوات واليوم وجد طريقة مناسبة للحفاظ على البيئة تتناسب مع إمكانياته الفردية البسيطة.
وبحسب داؤود “غالبية الأشخاص يعتقدون أن شخصاً بمفرده لا يستطيع تحقيق أي أثر حقيقي، لكنني أجزم أن كل شخص يستطيع العمل بمفرده وتحقيق أثر على أرض الواقع، ولو كان ذلك محدوداً وبسيطاً، لكنه سيكون بمثابة شرارة للتحفيز وإشاعة المبادرات الفردية لتتحوّل إلى جماعية وتترك أثراً أكبر وأوسع في المجتمع المحلي”.
وأشار داؤود إلى أنه سيتواصل مع المهتمين والجمعيات البيئية الموجودة في جبلة لضمان استمرارية العناية بالشاطئ والحفاظ على نظافته باعتباره واجهة المدينة.
وخلال مبادرته، يقول داؤود إنه رصد أشكال متطورة من التلوث على الشاطئ ناتجة عن الحرق المباشر للنفايات البلاستيكية، وامتزاج بقايا غير معالجة من التلوثات النفطية مع قطع البلاستيك والنفايات وغيرها، ما أدى لتشكّل طبقة من التلوث موجودة على الصخور موجودة بأماكن متفرقة من الشاطئ.
في جعبة الشاب داؤود المزيد من المبادرات الهادفة للحفاظ على البيئة، تتضمن أنشطة ميدانية وتوعوية، مؤكداً أنه سيسعى للتنسيق مع أي جمعية أو شخص لديه اهتمام لتحقيق تغيير بيئي حقيقي.
اللاذقية – باسل يوسف