أثر برس

متوسط راتبها 400 ألف ل.س.. الـ”بيبي سيتر” مهنة تفرض انتشارها هذه الأيام، كيف يتأثر الطفل؟

by Athr Press G

خاص || أثر برس ازداد الإقبال على مهنة مربية الأطفال “بيبي سيتر” في الآونة الأخيرة، خاصة بعد الظروف الاقتصادية الصعبة التي أدت إلى الحاجة الشديدة لعمل المرأة، حيث يقتضي عملها لساعات طويلة بعيدة عن بيتها وعائلتها، وجود جليسة لأطفالها تهتم بهم وتقوم بتدبير شؤونهم ورعايتهم وتوفير بيئة ملائمة لتعويضهم عن الوحدة وفراق الأم عنهم، مقابل راتب جيد وشروط معينة تحدد آلية عملها، بوقت تجد العاملة بهذه المهنة راتباً جيداً بالنسبة لها بحكم خبرتها في تربية أطفالها مسبقاً.

وبحسب المعتاد، يقتصر عمل المربيات على مجالسة الأطفال والعناية بهم مثل من ناحية الطعام والنظافة، دون أبعاد تربوية وتوجيهية وأحياناً ترويجية، دون إدراك الأهل بأهمية المربية المختصة أو الحاصلة على شهادة تؤهلها لخوض هذه المهنة، وبالتالي تنشأ علاقات متينة بين المربية والطفل تتفوق على علاقته بأمه غالباً.

راتب جيد:

تقول المربية “رغد” لـ”أثر”: “أعمل مربية أطفال منذ 3 سنوات، وأنا خريجة جامعية ولكن قلة فرص العمل فرضت عليّ أن أعمل بهذه المهنة، حيث أجالس أطفال تفوق أعمارهم العامين، كون المعاملة مع هذه السن أسهل من الرُضّع وحديثي المشي والكلام، وحالياً أعمل مربية لطفل عمره سنتين ونصف، حيث أذهب إلى بيت الطفل عند مغادرة أمه البيت للذهاب لعملها وعند عودتها أغادر، بمقدار 6 ساعات يومياً من الأحد للخميس، مقابل راتب 400 ألف شهرياً وهو راتب جيد وأفضل من رواتب العمل بالشهادة الجامعية، وهناك تعليمات حول التعامل مع الطفل أتقيد بها مثل تحديد فترة طعامه ونومه واللعب معه”.

وعن الصعوبات التي تواجهها كمربية طفل تضيف رغد: “صعوبة عملي تتمثل بالفترة الأولى حيث الطفل لا يجيد التعامل مع شخص خارج محيطه، ويحتاج إلى وقت معين ليتكيف، وأيضاً في أوقات مرض الطفل، أما على الجانب الشخصي تكون الصعوبة في المواصلات يومياً والجلوس في بيوت غريبة لمجالسة أطفال غريبة وهذا أحياناً يؤثر على العامل النفسي لي”.

الـ”بيبي سيتر” مهنة مناسبة:

بدورها، تروي المربية “ثناء” لـ”أثر” تجربتها في المهنة قائلة: ” أجالس الأطفال في بيتي أثناء انشغال أمهاتهم، فهناك الموظفات وهناك من يكون عندها ارتباط ببعض الأمور، بدأت العمل بالذهاب إلى بيوت الأطفال ولكن وجدت صعوبة خاصة أني متزوجة ولدي أربعة أطفال، فقررت أن أعمل في بيتي، والأجور التي أتقاضاها تختلف من طفل لآخر تبعاً للعمر وللدوام إن كان يومي أو أيام متفرقة، حيث أتقاضى أجر 300 ألف عن الطفل الذي أجالسه يومياً، أما الطفل الذي يأتي في أوقات متفرقة أتقاضى 15 ألف عن اليوم إن كانت ساعاته طويلة وإن كانت بعض الساعات أطلب نصف هذا المبلغ، فهي مهنة مناسبة مقارنة بالمهن الأخرى وذات مردود مادي جيد”.

ولـ”ثناء” شروط لممارسة المهنة هي: “أن الطفل يكون هادئ نوعاً ما ونظيف ومحترم، وأن تحضر وجباته معه”، مضيفة: “أستقبل 6 أطفال حالياً تتراوح أعمارهم من السنة لـ 5 سنوات، ومعوقات العمل بالنسبة لي هي الساعات الطويلة بمجالسة هؤلاء الأطفال وما يترتب من ذلك على علاقاتي الاجتماعية وصعوبة ايجاد وقت كافي للاهتمام بأسرتي وأولادي ولكن أنا بحاجة هذا العمل، لمساعدة زوجي في مصاريف المنزل ودفع الآجار”.

البحث عبر المعارف:

من ناحيتها، شرحت ريم وهي أم لطفلين لـ”أثر” أنها تعمل محاسبة في إحدى الشركات الخاصة، ودوامها الطويل فرض عليها أن تجد مجالسة لطفلها الذي يبلغ من العمر عام ونصف وأخته رهف البالغة من العمر 4 سنوات، فأمها وحماتها حالتهما الصحيّة لا تؤهلهما على مجالستهما والاهتمام بهما، وتقول: “بحثت طويلاً عن جليسة لأبنائي، كون الأمر خطير جداً فهي ستدخل بيتي وتبقى به فترة طويلة وستكون معهما، وقمت بهذا الاختيار بناءّ على المعارف، فلم أجد فكرة البحث في الإنترنت منطقية واستحضار امرأة غريبة تقوم بهذه المهمة”.

وعن الراتب الذي تعطيه للجليسة توضح: “أعطيها راتب 500 ألف شهرياً مع تقديم وجبة الإفطار لها يومياً، وفي الأيام التي أعطل بها أستغني عنها وأخصم أجرة اليوم”، وعن تعامل المربية مع طفليهما تقول: “تفاهمت معها على كل التفاصيل وقمت بوضع كاميرا داخل الغرفة التي تجلس بها للاطمئنان عليهما وأنا في عملي”.

آثار نفسية وتربوية:

وحول تأثير المربيات على الأطفال، يشرح الاستشاري التربوي الدكتور عزام القاسم لـ”أثر” قائلاً: “في البداية علينا أن نميز إن كانت المربية من نفس المنطقة والديانة والمعتقدات فيكون الأثر بسيط وخفيف، أما في حال كان هناك اختلافات فالأثر يكون كبيراً لأن الطفل يتعود على قيمها وأفكارها وعاداتها ولغتها وبحالة اللاوعي تنتقل للطفل وهو بمرحلة حساسة إذ يعد مستقبل جيد لهذه المفاهيم والآلية، وبالتالي تتولد آثار نفسية وتعليمية وتربوية تنعكس سلباً على الطفل، وهناك عدة دراسات وبرامج طبقت وكانت نتائجها بأن المربية تعلم أسرار الطفل وأموره أكثر من والدته وتوجهه حسب قيمها وأخلاقياتها وثقافتها وهذا لا يتناسب مع البيئة التي يتواجد بها الطفل”.

وأضاف: “هناك أيضاً آثار سلبية تنعكس على المربية، عندما يتم استحضارها وتعمل لمدة 3/4 سنوات وبعدها يتم طردها والاستغناء عليها، فهذا الطفل أصبح جزءاً منها وكان مسؤوليتها”.

واقترح د. القاسم حلول تحدّ من هذه التأثيرات ومنها: “إن وجدت الحاجة لهذه الحالة والأم غير متفرغة لأسباب منطقية ليست لأسباب شخصية يستحسن أن تكون المربية من نفس بيئة الأسرة ومن نفس المجتمع أي تحمل نفس الأفكار والعادات والتقاليد وحتى اللغة، ولكن للأسف الأم تتباهى وتتفاخر إن كانت المربية أجنبية، فهذه المربية الأجنبية تؤثر على الطفلة منذ صغرها بطريقة اللبس والكلام وحتى على الطفل فيرى أشياءً غير لائقة”.

شعوره بتخلي الأم:

بدورها، أكدت الاستشارية الأسرية نائلة الخضراء لـ”أثر” أن “جليسة الأطفال يكون لها تبعات سلبية على الطفل، فابتعاده عن والدته يشعره بأنها تخلت عنه ولم يعد قادراً على الشعور بحنانها، كما يعاني الطفل من نقص أمام رفاقه وذويه وخاصة عند عدم حضور الأهل نجاحاته أو نشاطاته فيشعر بأنه رخيص عندهم وبالحقيقة هو غالي لديهم وخاصة أنهم يدفعوا مبالغ طائلة للمربيات وخاصة إن كانت محترفة أو أخصائية وعندها شهادات وخبرة”.

وتضيف: على المدى البعيد من الممكن أن يتعلق الطفل بـ”البيبي سيتر” ويعتبرها أمه الروحية، وعندما يكبر ينتج حالة من القسوة تجاه والدته كونه يشعر بأنها لم تربيه أو تعتني به، وأحياناً يكون وجودها إيجابي إن كانت مختصة بالتربية والتربية غير عشوائية ولا عفوية، وهناك حالات مثل وفاة الأم أو تخليها عن أسرتها ومسؤولياتها تظهر الحاجة لجليسة الأطفال”.

دفق عاطفي:

وعن العمر المناسب للطفل لتركه مع جليسة الأطفال تقول الخضراء: “هناك دراسات تؤكد أن الطفل ينسى من قام بتربيته في فتراته الأولى، فلا يشعر إن كانت هذه أمه أو لا، ويقابلها دراسات تتضمن أن الطفل يستشعر بأمه من خلال نبضات قلبها، فالدراستان صحيحتان ولكن من المهم أن الطفل يجلس مع والديه آخر اليوم، لكي يشعر بحنانهما تجاهه، وإن ترك مع المربية لفترات طويلة بعيداً عن أهله يتولد لديه دفق عاطفي، فيأخذ نفس المنحى عند كبره أو العكس تماماً، ويفقد الاتزان العاطفي فيبحث عن العاطفة والعلاقات بين الناس”.

أمير حقوق – دمشق

اقرأ أيضاً