خاص || أثر برس
موسم لم تشهده المنطقة منذ أكثر من 20 عاماً، قد يعوّض ما خسره الناس خلال سنوات الحرب، لكن يجب أن يكون ثمة جهة قادرة على دعم الفلاحيين بالمواد اللازمة للحفاظ على الموسم من الأمراض خاصة “الصدأ الأصفر”، الذي ظهر بكثافة في الأراضي الزراعية بفعل الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة، إضافة إلى مجموعة من العوامل الأخرى التي قد تؤثر على الزراعة الصيفية، في المناطق التي تسيطر عليها “قسد” المدعومة أمريكياً.
الصدأ أكل الزرع
بهذا الاختصار يتحدث المزارع “محمد صالح”، لموقع “أثر برس”، عن الموسم الزراعي، ويضيف بالقول: “نحتاج للأسمدة والأدوية المعالجة للأمراض الزراعية بشكل عاجل، إن كانت المنظمات الإنسانية معنية بتقديم مساعدات إغاثية، فإن الأسمدة والحفاظ على مواسم العام الحالي تحتاج إلى إغاثة بما يحافظ على أرزاق السكان، لو أن الدولة السورية تمتلك القدرة على الوصول إلينا ما كنا سنحتاج للمنظمات وغيرها لتقديم مثل هذه المساعدات، المسألة تتعلق بمئات الآلاف من الهكتارات المزروعة بموسمي القمح والشعير”.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع “أثر برس”، فإن أكثر المناطق المتضررة بـ “الصدأ الأصفر”، هي المناطق القريبة من الشريط الحدودي، وبرغم الجهود المبذولة من قبل “مديرية الزراعة” التابعة للدولة السورية لإرشاد الفلاحيين وتقديم المعونات اللازمة من الأسمدة والأدوية المضادة للمرض، إلا أن “قوات سوريا الديمقراطية”، تحرّم التعامل مع الجهات الحكومية على الفلاحين، كما أن مناطق ريف دير الزور الشمالي الغربي تعاني من المرض نفسه الذي ينتج عن المياه الزائدة ودرجات الحرارة المنخفضة خلال شهر آذار من كل عام، ويبدو أن العام الحالي كان الأغزر في الهطول خلال سنوات خلت.
في ريف الحسكة الشمالي الشرقي، وتحديداً في المناطق القريبة من حقول رميلان النفطية، أو أنابيب نقل النفط، تضررت الأراضي الزراعية بالتسربات النفطية الناتجة عن الأضرار المادية التي لحقت بالمنشآت النفطية نتيجة للسيول التي ضربت المنطقة خلال شهر مضى، وإن كانت المساحات المتضررة بالتسرب النفطي محصورة ومحدودة نسبياً، إلا أن المسألة ليست سهلة بالمطلق، والحديث هنا عما يقارب 4 ألاف هكتار تسببت السيول بنقل النفط إلى المساحات الزراعية فيها.
الأكياس.. مشكلة
يتوقع الفلاح “محمد اللطيف”، أن تحدث أزمة في تأمين أكياس تعبئة الحبوب في وقت الموسم، ويقول خلال حديثه لـ “أثر برس”، إن الطلب على هذه الأكياس بدأ من الآن على الرغم من أن موسم الشعير الذي من المقرر أن يحصد في أول شهر أيار المقبل، سيتأخر نوعاً ما بسبب الهطولات المطرية الأخيرة التي ستؤدي إلى تأخر جفاف السنابل، مؤكداً حصول ارتفاع في أسعار الأكياس المستعملة منها والجديدة.
تأخر الحصول على الأكياس قد يفضي حتماً إلى التأخر في الحصاد، يتخوف الفلاحون في مثل هذه الحالة من العواصف التي قد تأتي حين جهوزية المواسم للحصاد، وأي عاصفة بَرَد، قد تفضي إلى انفراط السنابل، كما أن الرياح الشديدة قد تسبب بميلان السنابل نحو الأرض ما يجعل من حصادها آلياً مسألة صعبة، والعمل اليدوي في المساحات الشاسعة يعني تأخر أكبر في الحصاد، إلا أن الخوف الأكبر في مثل هذه الحالة يأتي من احتمال اشتعال الحرائق.
يضيف محمد في حديثه لـ “أثر برس”، هذا الموسم مميز نسبياً، صحيح أن بعض الأراضي الزراعية تأثرت بفعل السيول إلا أن الجزء الأكبر منها مازال مبشراً بخروج السكان من الأزمات المادية التي لحقت بهم خلال سنوات الحرب من نزوح وغيره، نأمل أن تحل مشكلة الأكياس وألا يتحول التجار إلى مصاصي دماء للفقراء.
المحروقات للحصاد
خلال الشهر الماضي، زادت “قسد”، من عملية تهريب النفط السوري الخام والمكرر بشكل بدائي من ريف محافظة دير الزور إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال التركي والفصائل المسلحة الموالية له في ريف حلب الشمالي الشرقي، ما تسبب بأزمة في تأمين المحروقات في المنطقة، ويتخوف السكان من عدم توافر مادة “المازوت”، خلال فترة الموسم بما سيعطل عمل الحصاد، إضافة إلى رفع تكاليفه.
يقول “أبو خلف”، وهو رجل يقطن في قرية “الكُبر”، في ريف دير الزور الشمالي الغربي، إن المخاوف الكبيرة لدى أبناء ريف دير الزور والرقة، هو من انقطاع المحروقات في موسم الحصاد، ويؤكد أن فلاحي الحسكة غير معرضين إلى الآن لمثل هذا الخطر كون المحروقات متوفرة في الأسواق القريبة منهم بخلاف محافظتي دير الزور والرقة، ويرجع السبب إلى أن المدعو “جوجو”، الذي يتزعم مجموعة مسلحة خاصة به في منطقة “خشام”، يجد أن أسواق ريف حلب الشمالي الشرقي تدر أرباحاً أكبر من الأسواق المحلية، علماً أن “جوجو” هو “هويدي الضبع”، الذي بات يعرف بلقب “طفل الأمريكان المدلل”، لكونه تمكن من كسب ودهم في عملية تهريب النفط وتحقيق أرباح أكبر مما كان يحققه من سبقه من تجار.
في الهوامش.. القطن قد يتأخر
زراعة القطن قد تتأخر لهذا العام بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة، ونمو كثيف للأعشاب والحشائش في الأراضي المخصصة لزراعة القطن، ما سيزيد في تكاليف الحراثة التي سيحتاج الفلاح لتكرارها أكثر من مرة لتجنب الزراعة بالتزامن مع وجود هذه الأعشاب، مع الإشارة هنا إلى أن المبيدات الزراعية غير متوفرة بالشكل الكافي، وما يتواجد منها في الأسواق يباع بأسعار عالية.
محمود عبد اللطيف – المنطقة الشرقية