استمراراً للتعديلات التي تجري في ريفي إدلب واللاذقية على توزّع التنظيمات الجهادية بالتزامن مع الحديث عن عملية عسكرية مرتقبة قد يقوم بها الجيش السوري في تلك المنطقة، أفاد “المرصد” المعارض بأن مسلحيّ “جند الله” الذين سُبق أن خاضوا معارك عنيفة مع مسلحيّ “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وحلفاؤها)” سلّموا أسلحتهم بالكامل إلى “الهيئة” وسلّموهم المطلوبين أمنياً.
ووفقاً لـ”المرصد” المعارض فإن ريف جسر الشغور في إدلب شهد استنفاراً لـ”هيئة تحرير الشام” تزامنًا مع اجتماع عُقد بوساطة “الحزب التركستاني” ضم كل من قيادات من “الهيئة” وفصيل “جند الله” التي تضم جهاديين أتراك وأذريين ومن دول أوروبا الشرقية، ويقودها المدعو “أبو فاطمة التركي”.وبحسب “المرصد” فإن الاجتماع انتهى بقبول فصيل “جند الله” لمطالب “الهيئة”، والتي تتضمّن تجريد الفصيل من كامل السلاح،
وتسليم المطلوبين أمنياً ممن بحقهم أحكام قضائية، فيما هددت “الهيئة” المسلحين الرافضين بمغادرة مناطق نفوذها أو القتال.
وشهدت منطقة جسر الشغور في إدلب وجبال التركمان في ريف اللاذقية سابقاً، معارك عنيفة بين فصائل جهادية متعددة، أبرزها “الشيشانية من جهة، وهيئة تحرير الشام” من جهة أخرى، أسفر عنها مقتل 34 شخصاً من الطرفين، وانتهت المعارك بسيطرة “تحرير الشام” على تلة أبو عارف في جبل التركمان بعد طرد مجموعات “جند الله” الجهادية منها، كما سيطروا على عدة مواقع كان يتّخذها “الجهاديون” نقاطًا لهم قرب قريتي الليمضية والزيتونة بجبل التركمان في ريف اللاذقية، حيث انسحبت جماعة “أبو فاطمة التركي” من عدة تلال في الجبل.
وأسرت “تحرير الشام” 12 مسلح على الأقل، بينما تمكنت التنظيمات الجهادية من أسر أكثر من 20 مسلح في “تحرير الشام”، وعقب ذلك جرى الاتفاق على انسحاب فصيل “جند الله” من جبل التركمان خلال وقت لاحق وتبادل الأسرى بين الطرفين، كما تدخل “الحزب التركستاني” لفض النزاع وجرى التوصل بالفعل لاتفاق أفضى لإخراج “مسلم الشيشاني” متزعّم تنظيم “جند الشام” من جبل التركمان في ريف اللاذقية.
وحول خلفيات هذه المعارك التي تسببت بمقتل العشرات من الجهاديين بالتزامن مع عملية عسكرية مرتقبة للجيش السوري في تلك المنطقة، نقلت سابقاً قناة “الحرة” الأمريكية عن الباحث في الحركات الإسلامية، الدكتور محمد صفر، قوله: “هناك صراع نفوذ بين تلك الحركات، لكن ليس بحجم ضغوط خارجية” مشيراً إلى أن “روسيا تركز دائماً على موضوع هذه المجموعات القادمة من الشيشان، وحتى الإعلام الروسي كثيراً ما يشير إلى كتيبة جنود الشام وقائدها مسلم الشيشاني، هؤلاء قدموا من الشيشان وأصحاب خبرات قتالية”، لافتاً إلى أن الشمال السوري يخضع الآن لاتفاقيات إقليمية، الطرف المؤثر فيها روسيا والآخر تركيا، منوهاً إلى أن بعد هذه المعارك، فإن المجموعات المتشددة في إدلب أمام 3 سيناريوهات هي: “إما أن تذوب تماماً في المجموعات الموجودة دون أي كيان مستقل، أو سيتم القضاء عليها بشكل تام، والسيناريو الثالث الخروج من المنطقة، وهذه السيناريوهات الثلاثة المتوقعة، وفي المقابل يصعب تصوّر أن تبقى متماسكة”.
وقال الباحث حسن أبو هنية: “إن تحرير الشام تريد أن تقدم نفسها في الوقت الحالي كحركة سورية معتدلة، مما يجعل التفاوض معها في المستقبل غير مستبعد”، مضيفاً أن “الهيئة تريد الآن أن تنفرد شيئاً فشيئاً، وهي تقدم رسائل وتنتظر أيضاً في نفس الوقت مكافآت”.