رضا زيدان
من قاعات الاجتماعات الدولية يتحدد مصير المحافظات السورية، فالمدنيون والممرات الإنسانية أخر ما يهم المجتمع الدولي وظهر هذا واضحاً من خلال قضيتين هامتين ظهرتا مؤخراً هما “خان شيخون وتفجير الراشدين”، لذلك أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن ضربات الطيران الروسي في سورية ستتكثف دعماً لهجوم بري ستشنه القوات السورية ضد الجماعات المتشددة، وتم الإعلان بعد أسبوع عن ضرب 112 هدفاً في سورية، ويأتي ذلك بعد انضمام أسطول بحر قزوين وقيامه بتوجيه ضربات إلى العصابات المتشددة على الأراضي السورية من مسافة 1500 كيلومتر، في وقت اندلعت معارك عنيفة بين القوات السورية من جهة ومقاتلي المعارضة من جهة ثانية في ريف حماة وسط البلاد.
أراد بوتين أن يوصل رسالة أنه رغم الاتهامات الباطلة التي وجهتها أمريكا والغرب إلى سورية في مسألة خان شيخون، ستستمر في الرد على هذه الاتهامات بطرقها العسكرية لاسيما أنها وجهت رسالة للأمم المتحدة تدعو لتشكيل لجنة تحقيق بشأن هذه المجزرة.
سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي قال: “إن بلاده ما زالت تأمل بإرسال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خبراء ولجنة تحقيق محايدة إلى خان شيخون، وإلى مطار الشعيرات العسكري، لبدء تحقيقاتها وضمان تمثيل جغرافي واسع للخبراء”، وأضاف إن “القوات السورية مستعدة لوقف العمليات العسكرية لتسهيل مهمتها”، ولكن روسيا وسورية لم يتلقو أي رد.
لذلك من غير المستبعد أن تقوم روسيا والقوات السورية بحملة عسكرية جديدة في إدلب تنطلق من خان شيخون؛ وستكون شبيهة بمعركة إدلب، فمحافظة إدلب تضم أكثر من 50 ألف مقاتل، معظمهم من الجهاديين والإسلاميين المتشددين.
أما المعتدلون الباقون الذين يبلغ عددهم بضعة آلاف، فقد تمركزوا بمعظمهم على طول الحدود التركية لتجنب القضاء عليهم من قبل “هيئة تحرير الشام” التابعة لتنظيم “القاعدة”.
ومنذ عام 2014، عمد الفصيل السوري لتنظيم “القاعدة” بشكل منهجي إلى القضاء على الفصائل المعارضة التي ترفض مبايعتها.
كما حصلت عملية تطهير مماثلة في أعقاب مؤتمر أستانة للسلام الذي عُقد في كانون الثاني 2017، حيث اتهمت “القاعدة” فصائل المعارضة بالتعاون مع روسيا، وذلك بحسب معهد واشنطن لدراسات.
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن تنظيم “داعش” يبذل جهوداً لـ “نقل السلاح إلى الأحياء السكنية في المدن السورية بعدما دب الذعر في صفوفه نتيجة الضربات الروسية الدقيقة”.
وفي السياق ذاته حذّر الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، من احتمال “قيام مسلحي “داعش” بأعمال استفزازية بينها تفجير مساجد في تدمر وبلدات أخرى لتلفيق صور وتسجيلات فيديو مفبركة بهدف اتهام المقاتلات الروسية بذلك”.
وبدأت القوات السورية عملية برية واسعة وسط البلاد بدعم من الطائرات الحربية الروسية، وفق ما أكد مصدر عسكري في دمشق لوكالة فرانس برس.
حيث قال: “بدأ الجيش السوري والقوات الرديفة له عملية برية على محور ريف حماة الشمالي.. تحت غطاء ناري لسلاح الجو الروسي”.
حيث تزامن بدء هذه العملية مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الطيران الروسي سيساند “في شكل فعال” القوات السورية في عملياته البرية.
وبحسب المصدر العسكري السوري، يستهدف الهجوم البري “أطراف بلدة لطمين غرب مورك حماة، تمهيداً للتوجه نحو بلدة كفرزيتا”، التي تتعرض منذ أيام لضربات روسية جوية.
وتواجه القوات السورية في تلك المنطقة وفق المصدر فصائل معارضة مثل “صقور الغاب وتجمع العزة”.
حيث أكد مصدر عسكري في ريف حماة لوكالة فرانس برس: “إن الجيش السوري يعمل في عملياته الأخيرة على فصل ريف إدلب الجنوبي (شمال غرب) عن ريف حماة الشمالي”.
يرى مراقبون أنه من المتوقع خلال أيام أن تبدأ معركة إدلب ولكن ستبقى مقيدة بعامل واحد، ألا وهو المصير غير المؤكد لإتمام اتفاق بلدتي الفوعة وكفريا، بينما يرى محللون استراتيجيون أن القوات السورية والحلفاء سيثبتون مناطق الاشتباك على مشارف إدلب دون حدوث أي معركة مقبلة.