يستمر التصعيد في محافظة دير الزور لا سيما في ريفها الشرقي بين قوات العشائر العربية، و”قوات سوريا الديمقراطية- قسد” وسط غياب أي إجراء أمريكي فعلي، فيما تحذر بعض الترجيحات الأمريكية من أن تؤثر هذه التوترات بشكل سلبي على الاستراتيجية الأمريكية في الشرق السوري.
وفي هذا السياق، نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريراً أشارت فيه إلى أن ما تشهده محافظة دير الزور يهدد الاستراتيجية الأمريكية في سوريا، مؤكدة أن استمرار التصعيد سيتسبب بإخلال التوازن في تلك المنطقة.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن ما وصفته بـ”الانتفاضة العربية”، سيكون له تأثير كبير، مرجحة أن تدفع التجربة المشتركة في القتال ضد عدو مشترك “قسد”، العشائر في دير الزور التي لديها تاريخ سابق من النزاعات إلى وضع خلافاتها جانباً للتركيز على الهدف المشترك المتمثل في “الانتقام”، مما يوفر وقوداً كافياً لتمرد طويل الأمد.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى ما يجري في الشرق السوري يحتّم على واشنطن التركيز بشكل أكبر على تلك المنطقة، لضمان عدم ظهور انقسامات مماثلة بين “قسد” والعشائر العربية الأخرى المتحالفة معها، محذرة من أن الفشل ذلك “سيخلق مساحة للخصوم لتقويض مكاسب واشنطن”.
بدوره أشار مركز “كارنيغي” للدراسات سابقاً إلى أن “تمرد العشائر العربية كشف قدرتها على شن حرب حقيقية ضد قسد، ما جعل الأخيرة، تواجه تحدياً خطراً لسلطتها” لافتاً إلى أن هذا التمرد لم يعد أمراً داخلياً وإنما بدأ يأخذ بعداً إقليمياً، في إشارة إلى الموقف التركي الذي انتقد السياسة الأمريكية الداعمة لـ”الوحدات الكردية” في سوريا.
الحديث عن احتمال تأثير هذه التوترات على الوجود الأمريكي في الشرق السوري، جعل احتمال لجوء أمريكا إلى التنسيق مع العشائر العربية -ذات الغالبية السكانية في الشرق السوري- أحد السيناريوهات المطروحة، حيث لفت مقال نشره موقع “الميادين نت” إلى أن “خلال الفترة الماضية تم تداول مجموعة من السيناريوهات التي يمكن أن تفضي إليها هذه المواجهات، من بينها تولي العشائر العربية مهمة إدارة شؤون مناطق الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، ويبدو أن هذا السيناريو يحظى بقبول أميركي فيما لو استقرت أمور الميدان على هذا المخرج”.
بدوره، أشار القيادي في الحزب الحاكم في تركيا “حزب العدالة والتنمية” ياسين أقطاي، في مقال تحليلي نشره سابقاً في صحيفة “يني شفق” التركية إلى أن “يبدو أن هدف الولايات المتحدة هو إعادة إنشاء التوازن الديموغرافي في السلطة، بين تنظيم YPG الإرهابي والعشائر العربية”.
يشار إلى أن التصعيد في دير الزور بدأ بتاريخ 27 آب الفائت، بعدما اعتقلت “قسد” قائد “مجلس دير الزور العسكري” المدعو “أحمد الخبيل- أبو خولة”، حيث كانت هذه الحادثة بمثابة الشرارة التي أشعلت الميدان في الشرق السوري بين “قسد” والعشائر العربية، وبدأ وجهاء وشيوخ القبائل العربية، بإصدار البيانات الرسمية والظهور بمقاطع فيديو يدعون خلالها القبائل العربية إلى التحشيد ضد “قسد” داعين أبنائهم المنتسبين إلى الأخيرة للانشقاق عنها، وفي هذا الصدد أكد شيخ قبيلة “العكيدات” الشيخ إبراهيم الهفل، أن المعركة مع “قسد” مصيرية لطردها من المحافظة، مشدداً على أن “تحرك العشائر في ريف محافظة دير الزور لم يكن من أجل قائد مجلس دير الزور العسكري، وإنما من أجل استعادة حقوق أهالي المحافظة التي سلبتها ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية– قسد”.