انتهت زيارة وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، إلى السعودية بعد إجراء جملة من اللقاءات مع حلفائه الخليجيين، سيما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في محاولة لإعادة الود إلى العلاقات السعودية- الأمريكية بعد التوترات التي شهدتها مؤخراً، حيث تكثّف الولايات المتحدة الأمريكية جهودها في هذا السياق، سيما بعد توجه الرياض نحو إجراء تعديلات جذرية على سياستها الخارجية والتي تمثلت باستئناف علاقاتها مع إيران والتقرّب أكثر من روسيا والصين.
وبعد يومين من انتهاء زيارة بلينكن، اهتمت الصحف بنتائج هذه الزيارة ومدلولاتها، وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” مقالاً بعنوان “بلينكن ودبلوماسية ترميم الثقة” أشارت خلاله إلى أنه “مهما حقق بلينكن في هذه الزيارة التي تدخل ضمن ما أعلنه الرئيس الأمريكي خلال زيارته إلى جدة الصيف الماضي: (لن نترك فراغاً لمنافسينا الاستراتيجيين في المنطقة) سيبقى ضعيفاً وناقصاً أمام مخاطر التوترات المستمرة في اليمن وسوريا والعراق ومناطق الصراع الأخرى، وأبرزها الحرب الأهلية التي اندلعت أخيراً في السودان، إلى جانب التحديات الشاملة التي تمثلها العلاقات المشحونة بين إيران وإسرائيل والتي قد تنفجر إذا لم يحصل تقدم في المحادثات النووية”.
وكذلك صحيفة “العرب” أضاءت على حالة انعدام الثقة بين الولايات المتحدة والخليج من خلال الإشارة إلى التطورات التي شهدها الملف السوري، حيث نشرت: “لم يتغيّر شيء في السنة 2023، لا تزال هناك أزمة ثقة بين دول الخليج العربي والإدارة الأمريكيّة، لولا أزمة الثقة هذه، لما كانت عودة الدولة السورية بالطريقة التي عاد بها إلى جامعة الدول العربيّة، ولما كان أيضاً دخول الصين على خط المصالحة السعوديّة – الإيرانية”.
وأضافت الصحيفة أن “المقاربة الأمريكية التقليدية للعلاقات مع السعودية ودول الخليج باتت من الماضي، وينبغي تحديثها لتتناسب مع جهود هذه الدول لإعادة صياغة أجندتها الاقتصادية والاجتماعية في الداخل وعلاقاتها مع الخارج، فالإدارة الأمريكية الحالية لم تستوعب حتى الآن وبما يكفي أن السعودية كما دول الخليج بعامة، تعطي اليوم الأولوية لمصالحها الوطنية وطموحات شعوبها، وتحاول الموازنة في علاقاتها بين الشرق والغرب، إضافة إلى انتهاج سياسة صفر مشاكل مع الجميع”.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة “رأي اليوم” في افتتاحيتها إلى أن “الخطأ الكبير والفاضح، الذي ارتكبته الإدارة الأمريكيّة الحاليّة يتمثّل في عدم إدراكها لحجم التّغييرات المُتسارعة في المملكة العربيّة السعوديّة، على أرضيّة تقديم مصالحها، أيّ السعوديّة، على أيّ مصالحٍ أُخرى، والغربيّة خُصوصاً، وكسْر الاحتِكار والهيمنة الأمريكيّة على القرار السعودي على وجه الخُصوص، علاوةً على وجود بدائل حليفة جاهزة، وخاصّةً منظومة دُول بريكس بزعامة روسيا والصين، وما يُؤكّد عدم الالتزام بالإملاءات الأمريكيّة والعمل عكسها، إعادة العلاقات مع إيران، واستضافة الرئيس بشار الأسد في القمّة العربيّة في جدّة، تدشينًا لعودة بلاده إلى الجامعة العربيّة”.
يشار إلى أنه الولايات المتحدة الأمريكية، تعرب باستمرار عن رفضها لمسارات التقارب الخليجي من سوريا وإيران، فيما تستمر دول الخليج سيما السعودية بمسارات التقارب هذه وعلى كافة الأصعدة سواء كان ديبلوماسياً والاقتصادي وغيرها.