يشهد الوضع الاقتصادي والمعيشي في سوريا تراجعاً كبيراً ومتسارعاً، وبحسب التقديرات فإن ذلك مرتبط بعوامل متعددة منها خارجية ومنها داخلية.
فيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا وتأثيرها على الوضع المعيشي في البلاد، يُقدّم مدير مركز “القدس للدراسات الدولية” عُريب الرنتاوي، في مقال نشره موقع “الميادين نت” تحليلاً حول تأثير السياسة الخارجية الأمريكية على الاقتصاد السوري، تحت عنوان “اللا سلم واللا حرب” حيث قال: “لا نشهد حرباً في سوريا ولا نشهد سلاماً كذلك… فأكثر من ربع مساحة البلاد، وفوقها ملايين السوريين، ما زالت وما زالوا، خارج سيطرة الدولة وسيادتها، والحرب الاقتصادية ما زالت تُشَن بسيف قيصر، وما لحقه من قوانين عقابية، ووعود إعمار سوريا، أو حتى تعافيها المبكر، كما عودة اللاجئين، ما زالت محفوفة بالخطوط الحمراء الغربية التي تجعل إنجاز هاتين المهمتين، أمراً صعباً للغاية، لا حروب ومعارك كبرى، ولا حلول سياسية ودبلوماسية…لا مسار جنيف يتحرك، ولا مسار أستانا حافظ على زخمه، فيما اللجنة الدستورية لا تظهر إلا في اجتماعات لجنة الاتصال السداسية العربية، والموفد الأممي غير بيدرسون خارج السمع، لكأن المطلوب فرض طوق من الجمود الاستراتيجي، وتكريس حالة من السكون والتسكين، الكفيلة وحدها، بتفجير الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، رهاناً على مسلسل انفجارات من الداخل، أو موجة جديدة من ثورات الجياع، في ظل صمت المدافع والجبهات من جهة، وانسداد أفق السياسة والحلول من جهة ثانية”.
وفي معرض حديثه عن الدور الأمريكي في الجمود العربي إزاء سوريا، يقول الرنتاوي: “واشنطن غير قادرة على حسم هذه صراعات عسكرياً، أو تسويتها سياسياً، لا مباشرة، ولا عبر حلفائها ووكلائها في الإقليم، لكنها ما زالت قادرة على منع السلام ما دام أنه لا يتطابق مع دفتر شروطها، ومن هنا، يأتي اللجوء إلى خيار اللاحرب واللاسلم، الذي يُبقي بيديها، مروحة واسعة من الخيارات والبدائل”.
وفي هذا السياق، يوضح تقرير نشره موقع “المونيتور” الأمريكي أن “الوضع الاقتصادي السيئ يُظهر حدود إعادة اندماج سوريا في العالم العربي، حيث أُعيد قبول سوريا في جامعة الدول العربية في أيار، وكانت سوريا تأمل في الحصول على مساعدات مالية من الخليج على خلفية ذلك، لكن ركزت السعودية والإمارات على المساعدات الإنسانية، وليس مساعدة الاقتصاد السوري”.
أما فيما يتعلق بالقرارات الداخلية التي أصدرتها الدولة السورية مؤخراً وتأثيرها على الوضع المعيشي والاجتماعي السوري، نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية مقالاً أكدت خلاله أن “الأثر الاجتماعي للقرارات الأخيرة لا ينحصر بنسب التضخّم التي سوف تتسبّب بها فقط، وإنّما يتعدّاها إلى مفعول توقيتها المتزامن مع مجموعة من المتغيّرات الداخلية والخارجية المؤثّرة بشكل مباشر على دخل الأسر السورية، كمحدودية فرص العمل المتاحة محلياً ومستويات أجورها المتدنية في كلا القطاعين العام والخاص، وتقليص المنظّمات الأممية لحجم مساعداتها الإغاثية الموجّهة إلى السوريين على خلفية تحوّل اهتمامات المموّلين في اتّجاه مساعدة النازحين الأوكرانيين ودعم حكومة كييف، إضافة إلى التوقّعات الخاصة بانخفاض تحويلات اللاجئين والمهاجرين إلى أسرهم وأقاربهم في الداخل السوري، وتالياً، فإن النتيجة الوحيدة لكلّ ما سبق ستكون مزيداً من الفقر المدقع والحرمان الشديد وزيادة حدّة الاحتقان الاجتماعي”.
فيما تشير صحيفة “الشرق الأوسط” في مقالاتها إلى الوضع الاقتصادي في سوريا بشكل عام، لافتة إلى أن “ثمّة تقديرات دولية تفيد بأن أكثر من 95 في المائة من المواطنين السوريين باتوا اليوم تحت خط الفقر، وهو ما يمكن بسهولة رصده من خلال اتساع ظاهرة السوريين الذين يتسوقون موادهم الغذائية بالغرامات القليلة، بعدما كانوا يشترونها بالكيلوغرامات سابقاً”.
يشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ألغت في 8 آب الجاري قرار تجميد العقوبات على سوريا، وذلك بعدما حمّدت جزء من عقوباتها في شباط الفائت بعد الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال سوريا.
وتسيطر القوات الأمريكية على أهم وأغزر آبار النفط في سوريا، وأبرزها حقل العمر النفطي وحقل غاز كونيكو.