تطور ملفت تشهده السلطة في أكثر دولة تتغنى بالديموقراطية في العالم، جاء ذلك بعد تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبشكل علني وصريح بأن خسارته للانتخابات المقبلة غير ممكنة وأنه وفي حال حدث ذلك فإنه لن يكون إلا نتيجة “غشّ”.
تصريح ترامب الذي خرج به أول أمس السبت أمام تجمعاً من أنصاره في ولاية فيرجينيا وقال فيه حرفياً “لن نخسر الانتخابات إلا إذا أقدموا على الغش” من شأنه أن يضع الولايات المتحدة أمام مفترق طرق جديد، خصوصاً في ظل ارتفاع منسوب الاحتقان العرقي والاجتماعي فيها، ما من شأنه التأثير على المشهد الداخلي الأمريكي إما من خلال حرب أهليه داخلية، أو تدخل للجيش الأمريكي في الانتخابات وهو الأمر الذي لم يسبق له وأن حصل في الولايات المتحدة.
فتصريح ترامب لا يعني عدم التزامه بنتائج الانتخابات الرئاسيّة المُقبلة فقط، وإنّما تحريض أنصاره العنصريين البيض وتعبئتهم للنّزول إلى الشّوارع والميادين في احتجاجاتٍ دمويّةٍ ضدّ نتائج الانتخابات في حال خسارته، التي قال إنّها ستكون مُزوّرةً حتماً، ودعم بقائه كزعيمٍ في البيت الأبيض لسنوات طويلة.
ويعتمد الرئيس الأمريكي بشكل أساس على الإنجيليين البيض الذين يعتبرونه أفضل ممثل للولايات المتحدة وقد ظهر ذلك جلياً في الدعم الكبير الذي حظي به ترامب في انتخابات عام 2016، التي أوصلته إلى البيت الأبيض، ففي حين حصل “جورج بوش الابن” على 78% من أصوات أتباع الطائفة، في انتخابات عام 2004، و”جون ماكين” على 74% في انتخابات 2008، و”ميت رومني” على 78% في 2012؛ حصل ترامب على 81%، بحسب تقارير صحفية.
من هم الإنجيليين؟
يعرف الإنجيليون بـ”المسيحيين الصهاينة”، لدعمهم المشروع الصهيوني، ووجود العديد من التقاطعات بين مساعي الجانبين، وإن من منطلقات أيديولوجية مختلفة وينتمي لهم نحو ربع الأمريكيين.
ترامب، الذي أكد في حملاته الانتخابية أنه سيعترف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، أوفى بعهده للإنجيليين، الذين منحوه أصواتهم، وفي تقارير غربية اعتبرت البروفيسورة “إليزابيث أولدميكسون”، الأستاذة بجامعة “نورث تكساس”، في تصريح، أن قرار ترامب ليس “سياسياً، وإنما امتثالًا لمعتقدات الإنجيليين الدينية”.
وأوضحت “أولدميكسون” أن “الصهاينة المسيحيون يؤمنون بأن الله منح الأرض المقدسة لليهود”، مشيرةً إلى أن تلك الأرض تقع على ضفتي نهر الأردن، لذلك يعتبر الإنجيليون حجر الأساس في قرارات ترامب الخارجة عن القانون خصوصاً وأنهم يتمتعون بنفوذ مالي وسلطوي في الولايات المتحدة.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية رأت في تقرير لها منذ يومين أن رفض ترامب الصريح التعهد بانتقال سلمي للسلطة في حال خسارته بالانتخابات المقررة في 3 تشرين الثاني المقبل أثار مخاوف وقلق كبار المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة من احتمال إدخاله الجيش الأمريكي في أي فوضى تتعلق بنتائج الانتخابات.
وأكدت الصحيفة أن احتمال أن يقوم ترامب بجر القوات العسكرية إلى المعركة الانتخابية وما سينتج عنها قائم وبشكل كبير ولا سيما أنه هدد في حزيران الماضي باللجوء إلى قانون يعود لعام 1807 ويسمح بنشر الجيش في المدن الأمريكية لقمع الاحتجاجات كما أنه هدد المتظاهرين المناهضين للعنصرية باستخدام القوات العسكرية ضدهم في أكثر من مناسبة.
وفي ظل كل ذلك يبدو أن الانتخابات الأمريكية المقبلة لن تكون كسابقاتها فالخراب قادم على الولايات المتحدة في كافة الحالات فإن فاز ترامب فسيقوم بوضع كل خططه التي كان يخشى من تطبيقها في حملته السابقة وفي حال فشله فإنه وكما يقول سيأخذ البلاد إلى فوضى وانقسام شعبي وسياسي، وهو ما من شأنه التأثير سواءً سلباً أو إيجاباً على مختلف دول العالم فالأشهر القادمة لا يبدو أنها أقل سخونة من سابقاتها.
رضا توتنجي