تكرر مشهد “خان شيخون” مرات عدّة منذ بداية الصراع في سوريا، فخلال السنوات الأربع الماضية حصلت عدة هجمات بالأسلحة الكيماوية، اختلفت مدى قوتها وعدد ضحاياها والنتائج التي ترتبت عليها، نذكر منها: هجوم غوطة دمشق بالإضافة إلى هجومات خان العسل في إدلب وآخرها خان شيخون.
القوات السورية على الأرض
هذه الهجمات الكيماوية تأتي دائماً بعد بداية انفراج الأزمة السورية أو عقب تقدمات ميدانية للقوات السورية، فقبل الحديث عن الموقف الدولي لا بد أولاً من البدء بالصراع الدائر على الأرض، في الوقت الذي حققت فيه القوات السورية انتصاراً كبيراً في حلب بعد استعادتها لكامل السيطرة عليها في المعركة التي وُصفت لاحقاً بأنها ستغير مصير سوريا، ناهيك عن رد الهجمات الميدانية شرقي العاصمة دمشق واستعادة زمام امبادرة في ريف حماة.
المشهد الدولي قبل خان شيخون
يبرز للعيان التقارب الكبير بين تركيا وروسيا خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في (تموز) الماضي، وتغير طفيف في لهجة الرئيس التركي أردوغان تجاه روسيا والأزمة السورية، ناهيك عن الامتيازات التي قدمتها روسيا لتركيا في الدخول للشمالي السوري تحت مسمى “عمليات درع الفرات”.
أما مصر فقد أعلنت أكثر من مرة عن تأييدها للحل الدبلوماسي في سوريا، وسط أنباء عن تقارب في الرؤى بين الحكومة المصرية والسورية خلافاً لموقف دول الخليج والسعودية.
الأمم المتحدة أعلنت على لسان رئيسها ترامب قبل وقوع مجزرة خان شيخون بأيام أن إسقاط الرئيس الأسد ليس أولوية رئيسيّة لدى بلاده وإنما محاربة “تنظيم داعش”.
القصف الأمريكي لمطار الشعيرات
لذلك لم يفاجئنا القصف الأمريكي لمطار الشعيرات العسكري السوري بصواريخ توماهوك، الذي أدى إلى تدمير ست طائرات حربية، ومستودع للوقود، ووقوع أكثر من 12 ضحية بين عسكريين ومدنيين (بينهم خمسة أطفال).. لم يفاجئنا أيضا لأن المبالغات والتحشيد واعمال التحريض التي استمرت طوال اليومين السابقين له، وتتمحور حول مجزرة خان شيخون الكيميائية البشعة كانت توحي بأن الضربة قادمة، لإرضاء دول الخليج والسعودية التي مجّدت بشجاعة الرئيس ترامب بعد الضربة، كما دعى الائتلاف المعارض لاستمرار مثل هذه الضربات.
ما حصل أمس، فتح صفحة جديدة في الصراع العالمي القائم في سوريا، وما فعلته أميركا سيجلب رداً واضحاً من روسيا وإيران وسوريا، وهو ردّ مهما كان ثمنه، سيبقى أقل كلفة من أي صمت، إنه الرد الذي يعطّل كل مفاعيل الضربة على صعيد المواجهة الدائرة في سوريا، فهل سنشهد تغيراً حقيقياً في عالم المجرم أبيض القلب.