تجدد الحديث مؤخراً عن نية تركيا لتجنيد المزيد من السوريين ونقلهم إلى النيجر للعمل في مهام عسكرية مقابل مبالغ مادية تصل إلى 1500 دولار شهرياً.
وفي هذا الصدد، أكد “المرصد” المعارض أن تركيا نقلت دفعات من السوريين تضم المئات من العناصر إلى النيجر، مشيراً إلى أن تسعة منهم قتلوا في معارك هناك.
ونقل موقع “عنب بلدي” المعارض عن مصادره أن فرقة “السلطان مراد” التي تعد أحد تشكيلات “الجيش الوطني” التابع لأنقرة، هي المسؤولة عن تجنّد مقاتلين ومدنيين من مناطق شمال غربي سوريا، وإدخالهم إلى الأراضي التركية، ومنها إلى دول غربي قارة إفريقيا التي تلقب بـ”القارة السمراء”.
ونقل “عنب بلدي” عن أهالي مقاتلين تم تجنيدهم، تأكيدهم أنه منذ نحو سبعة أشهر، بدأت فرقة “السلطان مراد” التي يقودها فهيم عيسى، العمل لإرسال مقاتلين من الشمال السوري إلى تلك الدول مروراً بتركيا، مقابل مبالغ مالية تراوحت من 1000 إلى 1500 دولار أمريكي.
وأكد أحد المقاتلين الذين التحقوا بالتجنيد في إفريقيا أن المطلوب ممن يريد الانتساب هوية أو أي إثبات شخصي أو وجود إخراج قيد مثلاً، ويتم تسليم هذا الإثبات لـ”ذاتية الفرقة” إلى جانب الهاتف، وفق ما نقله “عنب بلدي”.
وأشار المقاتل إلى أنه لم يكن منتسباً لأي فصيل من فصائل “الجيش الوطني”، موضحاً أنه سمع عن قصة التجنيد، وسأل عناصر يعرفهم في الفرقة، وبدورهم أضافوه إلى مجموعة تواصل عبر “واتساب” فيها عشرات الأشخاص، من أجل التنسيق للانتساب.
وأضاف أن العناصر الذين يرغبون بالتوجه إلى إفريقيا يتجمعون عند نقطة محددة في ريف حلب أو إدلب، ثم تنقلهم سيارات تابعة لفرقة “السلطان مراد” إلى مركزية الفصيل أو إلى نقطة عسكرية تابعة له.
وحول المهمة التي يذهب بها المقاتلون، أكد المقاتل الذي نقل حديثه “عنب بلدي” أنه وفق المعلومات المتوفرة لدية فهناك روايتان، الأولى حماية القواعد التركية في إفريقيا، وحراسة فرق التنقيب التركية التي أبرمت عقوداً مع تلك الدول للتنقيب عن الذهب هناك، والرواية الثانية هي القتال.
وأضاف أن فرقة “السلطان مراد” تبرم عقوداً مع المقاتلين لمدة 6 أشهر، وتتراوح أعمار العناصر التي يتم تجنيدهم بين 20 إلى 43 عاماً.
ويتزامن الكشف عن نقل دفعات جديدة من السوريين إلى إفريقيا، مع تزايد الحديث عن تأخر أنقرة بدفع رواتب مقاتلي “الجيش الوطني” التابع لها، إذ يشتكي عناصر “الجيش الوطني” من التأخير في إيصال الرواتب وقلتها، وفي هذا الصدد أفاد “المرصد” المعارض سابقاً بوجود حالة استياء كبيرة بين عناصر “الجيش الوطني” بسبب تأخر رواتب بعضهم أكثر من شهر وبعضهم الآخر نحو 20 يوماً.
وخلال السنوات الفائتة تم الكشف مرات عدة عن نقل تركيا لسوريين من المناطق التي تسيطر عليها شمالي سوريا للعمل في ليبيا والنيجر، وذلك مقابل مبالغ مادية تصل إلى 1500 دولار أمريكي شهرياً.
لماذا تهتم تركيا بقارة إفريقيا؟
تسعى أنقرة للتقرب من الدول الإفريقية وتوطيد علاقاتها معها، وفي هذا الصدد زار رئيس وزراء النيجر علي الأمين الزين، في شباط الفائت تركيا بدعوة رسمية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما عملت أنقرة في السنوات الأخيرة لزيادة حضورها الدبلوماسي في تلك المنطقة، إذ قفز عدد السفارات التركية في إفريقيا من 12 سفارة عام 2002 إلى 44 سفارة وقنصلية في سنة 2022، كما ارتفعت السفارات والتمثيليات الدبلوماسية الأفريقية المعتمدة في تركيا من 10 سفارات عام 2008، إلى 37 سفارة في 2021، وفق لما نقلته قناة “الجزيرة”.
وعلى الصعيد العسكري أجرت تركيا مناورات مشتركة مع جيوش المنطقة، ونتج عن هذه المناورات توقيع اتفاقيات أمنية مع كينيا وإثيوبيا وأوغندا وتنزانيا لتدريب قوات الأمن في هذه الدول لمكافحة الجماعات المسلحة وأعمال القرصنة، كما عملت تركيا لفتح أسواق جديدة للصناعات العسكرية التركية.
ووفق ما نقلته “الجزيرة” فإن أنقرة تمتلك 37 مكتباً عسكرياً في قارة إفريقيا، وعام 2021 ارتفعت مبيعاتها من السلاح من 41 مليون دولار إلى 328 مليون دولار.
وتمتلك قارة إفريقيا وفق تقديرات اقتصادية نحو 65% من الموارد العالمية التي لم يتم العمل لاستغلالها.
يشار إلى أن تركيا تسيطر على مناطق شمالي سوريا بثلاث عمليات عسكرية وكانت أولى هذه العمليات “درع الفرات” عام 2016، سيطرت تركيا إثرها على مدن جرابلس والباب وأعزاز، وعام 2018 سيطرت القوات التركية على مدينة عفرين بريف حلب الشمالي بعد شن عملية “غصن الزيتون”، وعام 2019 شنت أنقرة عملية “نبع السلام” وسيطرت إثرها على مدينتي “تل أبيض، ورأس العين” شمال شرقي سوريا.