استفز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب بتوقيعه أمس على وثيقة الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا، القرار الذي قُوبل بإدانات من الغرب واتخاذ إجراءات ديبلوماسية، إلى جانب التحذيرات من ازدياد احتمال نشوب حرب، من قبل الأمم المتحدة التي دعت مباشرة إلى جلسة طارئة.
وفي هذا الصدد، أعربت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري ديكارلو، عن أسفها لاعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي لوغانسك دونيتسك، وقالت: “إن خطر اندلاع صراع واسع النطاق في أوكرانيا كبيرة، ويجب منع نشوبه بأي ثمن”، مضيفة: “الساعات والأيام القادمة ستكون حاسمة، خطر نشوب صراع واسع النطاق، حقيقي ويجب منعه بأي ثمن”.
وتأتي هذه التحذيرات بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء أمس الإثنين عن توقيع مرسومين يقضيان باعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا، الخطوة التي أدانها كل من الرئيسين الأمريكي جو بايدن، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف سولتس، الذي أكد أن هذه الخطوة لن تمر دون رد، معتبرين أنه انتهاك واضح لاتفاقية مينسك.
وعلى وقع هذا القرار الروسي أعلنت الولايات المتحدة نقل دبلوماسييها المتبقين في أوكرانيا إلى بولندا لدواعٍ أمنية، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان: “لأسباب أمنية، سيقضي موظفو وزارة الخارجية الموجودون حالياً في لفوف هذه الليلة في بولندا”.
كما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، عبر تغريدة له على “تويتر”: “لقد وقّعت على أمر تنفيذي لحرمان روسيا من فرصة الاستفادة من انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، نحن نواصل التشاور عن كثب مع الحلفاء والشركاء، بما في ذلك أوكرانيا، بشأن الخطوات التالية”.
ويشمل الأمر التنفيذي الأميركي حظر الاستثمارات الجديدة، والاستيراد إلى الولايات المتحدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، لأي سلع أو خدمات أو تقنية من المناطق المشمولة.
وكذلك أعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرض عقوبات جديدة على موسكو، حيث صرح متحدث باسم البيت الأبيض لوكالة “فرانس برس” أمس الإثنين: “نخطط لإعلان عقوبات جديدة ضد روسيا غداً الثلاثاء رداً على قرارات موسكو وإجراءاتها، ونحن ننسق مع حلفائنا وشركائنا بشأن هذا الإعلان”.
وكذلك أكد مسؤول في البيت الأبيض أن كل المؤشرات على الأرض تشير إلى عمل عسكري روسي في أوكرانيا، لا عملاً ديبلوماسياً، وفقاً لما نقلته قناة “الحرة” الأمريكية.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه للصحفيين: “لا يمكن عقد اجتماعات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا إذا اتخذت موسكو المزيد من الإجراءات العسكرية ضد أوكرانيا”.
أما بما يتعلق بالتحركات العسكرية، أمر بوتين القوات المسلحة الروسية بضمان السلام في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، فيما يستمر قصف السلطات الأوكرانية على دونيتسك، حيث أفادت سلطات دونيتسك بأنه قضي اليوم الثلاثاء 3 مواطنين في تفجير نفذته مجموعات أوكرانية على طريق دونيتسك – هورليفكا.
وفي ظل هذا التصعيد الحاصل، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحليلاً استبعدت خلاله حدوث غزو روسي لأوكرانيا حيث قالت: “من المستبعد حدوث الغزو الشامل، فقد يلجأ بوتين إلى وسائل خاصة أو غير متكافئة، بما في ذلك دفع الغرب للاعتقاد أنه يتحضر للهجوم”، ونقلت عن بعض المحللين قولهم: “إن بوتين مخادع ولن يقوم بغزو أوكرانيا، لكن البعض مقتنعون بأن بوتين شخص عقلاني في الأساس، ولذلك فهو يعرف أن مخاطر غزو أوكرانيا ستكون كبيرة جداً، وبالتالي فإن حشوده العسكرية الضخمة لا تكون منطقية إلا إذا جاءت في سياق خدعة مقنعة جداً”، كما يشير محللون إلى أن المشهد في أوكرانيا بات ضبابياً جداً وإمكانية تحليل ما يمكن أن يجري أشبه بعمليات “التنجيم”.