يجري الحديث عن تقارب إيراني-سعودي، بعد سنوات من التوتر في العلاقات بين الطرفين بعد الخبر الذي نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية يفيد بأن مسؤولين سعوديين وإيرانيين أجروا محادثات مباشرة في بغداد، حيث يأتي الحديث عن هذا اللقاء بعد المواقف الإيرانية التي شددت على استعداد طهران للحوار مع الرياض والانفتاح عليها، ليُدلي فيما بعد ولي العهد السعودي بتصريح اعتبره العديد من المحللون أنه مفاجئ، أكد خلاله أن إيران بلد جار وبلاده تطمح إلى إقامة علاقة جيدة معها، في خطوة ترتكز على مستجدات عدة ومن شأنها أن ترسم خطوط وملامح جديدة للعديد من الملفات في الشرق الأوسط.
صحيفة “المدى” العراقية نشرت تقريراً جاء فيه:
“في السعي لتحقيق الوفاق، سيتعين على الرياض وطهران خوض مفاوضات صعبة، بعيدا عن تأثير المناوئين للتقارب بين الطرفين من المتشدّدين الداخليين والأعداء الخارجيين، وفي مقدمة الساعين لتعطيل أي تقارب بين المملكة السعودية وإيران هي إسرائيل، فلدى حكومة نتنياهو أسباب عديدة للقلق ومنع الوصول إلى أي اتفاق مع طهران بشأن أي شيء. وستُجنّد إسرائيل كل ما تملكه من وسائل تأثير على حليفتي السعودية البحرين والإمارات، فضلا عن علاقتها الواسعة مع الرياض نفسها، لتحقيق هذا الهدف، تدرك إيران وكذلك السعودية بأن الانفراج في منطقة الخليج هو من مصلحة جميع دول المنطقة، عدا إسرائيل، كما أنه من مصلحة الدول الكبرى المهتمة، مثلها مثل دول المنطقة، بضمان أمن التجارة العالمية وصادرات البترول من الدول المطلة على الخليج، علما بأن إيران سعت دوما إلى تحسين العلاقات مع دول المنطقة”.
ونوهت “نيويورك تايمز” الأمريكية إلى أهمية هذه الخطوة بالنسبة لدول أخرى في المنطقة وعلى رأسهم سوريا واليمن، فنشرت:
“في حين أن الإشارات الملموسة على وجود تفاهم جديد بين السعودية وإيران لم تظهر بعد وقد تستغرق وقتا طويلا، إذا حدث ذلك على الإطلاق، فإن تهدئة التوترات بين الخصوم قد يتردد صداها في البلدان التي يغذي فيها التنافس الخلافات السياسية، والنزاعات المسلحة، بما في ذلك لبنان وسوريا والعراق واليمن.. يرى محللون أن التغييرات الأخيرة في الإدارات الأمريكية، بالإضافة إلى تقليص طويل المدى في تركيز واشنطن على الشرق الأوسط، دفع السعوديين إلى التشكيك في النوايا الأمريكية”.
فيما تناولت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أسباب هذا التحول في الموقف السعودي، حيث جاء فيها:
“هناك عدة أسباب، تفسر سبب التغيّر الذي طرأ على موقف “بن سلمان” من إيران، أولها تزايد الدلائل على أنّ الولايات المتحدة الأمريكية جادة في تحويل تركيزها بعيداً عن منطقة الشرق الأوسط، والسبب الثاني هو بدء الحوار من قبل القوى الإقليمية لتحسين العلاقات من تلقاء نفسها، دون أن يُفرض عليهم من قبل قوى كبرى من خارج المنطقة، أما السبب الثالث هو بدء الولايات المتحدة في الانفصال عسكرياً عن الشرق الأوسط وبدء سحب قواتها”.
هذا التحول في موقف السعودية التي كانت من أشد الدول العربية عداء لإيران، يشير إلى تحول سياسات التعامل مع إيران، إلى جانب أن هذا التحول يعتبر ثمرة لجملة من التحولات التي تطرأ على المنطقة سواء بما يتعلق بالاتفاق النووي وتخفيض الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، ما يعني أننا قد نكون أمام مرحلة تتسم بملامح جديدة تفرض معادلات جديدة مختلفة عن التي المعادلات التي فرضتها واشنطن سابقاً، ويبدو أن سوريا واليمن والعراق هم فعلاً أولى الدول المستفيدة على الأقل من الناحية الأمنية والسياسية.