وصل خلال الساعات الماضية وفد من حركة حماس إلى العاصمة السورية دمشق للتباحث مع القيادة السورية والتنسيق في مواجهة سياسات حكومة نتنياهو، وهو ما تابعته بعض من الدوائر الدولية خلال الساعات الماضية.
ما الذي يجري؟
خلال الفترة الماضية أعادت حركة حماس علاقتها مع الدولة السورية، وبادر الرئيس بشار الأسد مع عودة العلاقات منذ أشهر باستقبال الحركة وعدد من كبار القائمين عليها، في إطار إيجابي أشارت إليه بعض من الدوائر السياسية.
عودة العلاقات بين سوريا وحركة حماس اتسمت ببعض من المميزات السياسية لعل أبرزها:
1- حاولت حماس التعاون مع بعض من الدول العربية خلال الفترة الماضية، غير أن غالبيتها لم تقدم ما كانت سوريا تقدمة للحركة.
2- المتابع لمنصات التواصل الاجتماعي وحساباتها في الخليج سيكتشف أن بعض من هذه المنصات والحسابات المقربة من كبار الملوك والزعماء تنتقد الحركة بل وتصفها بالعداء، والأدق من هذا أنها تتهم الحركة بالوقوف وراء المظاهرات التي انطلقت في بعض من المدن الفلسطينية ضد بعض من الحكام العرب.
3- هناك تحدي مهم ودقيق الآن يتمثل في قبول الشرع السوري لعودة حماس إلى التواصل مع الدولة، وتعتبر هذه المهمة صعبة لعدة أسباب أبرزها:
-كان لحركة حماس دور معلن وواضح وصريحة في دعم العصابات والجماعات غير القانونية في المخيمات والتي حاربت الجيش العربي السوري.
– كان لهذه العلاقات بين حركة حماس وهذه الجماعات أثر وذكرى سلبية للغاية في الشارع السوري، خاصة وأن سوريا عانت ولا تزال من الصراعات والحروب التي خاضتها ضد هذه المنظمات غير القانونية، وهي المعاناة التي لن ينساها الشارع السوري بسهولة ولن ينسى أيضاً الجماعات والجهات التي دعمت الإرهاب والعنف.
– الجميع يعلم أن الدولة السورية كانت أول من حذر من هذه الجماعات الإرهابية في الوقت الذي كانت فيه هذه الجماعات تحصل على المساعدات والدعم والتأييد الإعلامي والمالي والفكري من دول بالمنطقة، وهو دعم للأسف كان معلنا بل ومصدر فخر لهذه الدول التي لم ترتدع إلا بعد أن حرق الإرهاب أصابعها وعرفت مصداقية الرواية السورية عن قرب.
تقديرات استراتيجية:
تعلم سوريا تماما أن هناك ضغوط سياسية واستراتيجية تتبلور بالمنطقة، وهي الضغوط التي تنجم مثلا عن اتفاقيات السلام الإبراهيمي واعتبار “إسرائيل” حليف وصديق بل وشريك في المصير، الأمر الذي يزيد من ضغط سوريا التي تعلم تماما خطورة السياسات الإسرائيلية، بل وتعلم أيضاً تداعيات التعاون المشترك (التطبيع) بين “إسرائيل” والدول العربية.
وفي ذات الوقت ترى سوريا أن الدول العربية حرّة في سياساتها، وهي تنقل لها رؤيتها وتحذيراتها من أي مخاطر استراتيجية ممكنة، غير أن القرار الداخلي في كل دولة يتعلق بها وهي حره في انتهاج أي سياسة ترغبها.
لقاء الرئيس الأسد:
هناك نقطه التفتت إليها بعض من الدوائر الغربية التي تابعت زيارة وفد حركة حماس إلى دمشق، هذه النقطة تتجلى في عدم اجتماع الرئيس بشار الأسد مع وفد حركة حماس، ورداً على سؤال وجهته وكاله “سبوتنيك” الروسية عن لقاء مرتقب مع الرئيس السوري بشار الأسد مع وفد حركة حماس خلال هذه الزيارة، قال عضو المكتب السياسي لحماس “نحن نتشرف بلقاء الرئيس الأسد، إلا أن هذا ليس مخططا له ضمن جدول أعمال هذه الزيارة، ونعرف الضغط الكبير على القيادة السورية في هذا الوقت العصيب الذي يعيشه الشعب السوري بعد هذه الكارثة”، موضحاً أن قيادة “حماس” راضية عن علاقتها المميزة مع سوريا قيادة وشعباً، وأضاف أن عدد اللقاءات والزيارات المعلنة وغير المعلنة التي تقوم بها وفود من حماس إلى دمشق كثير وساهمت في سير العلاقات بالاتجاه الصحيح، الاتجاه الذي يؤمن بمقاومة الشعب الفلسطيني ويدعم خيارته بهدف تحرير فلسطين.
ومن هذا التصريح يتضح مثلا أن الرئيس لم يلتق الوفد، غير أنه وبعيدا عن أي استنتاجات أو تصورات فإن الزيارة تثبت حقيقة معينه، وهي أن سوريا تظل دوما رقم صعب في المعادلة السياسية بالشرق الأوسط رغم ما تعانيه وتتعرض إليه من ضغوط ومصاعب سياسية وخارجيه واستراتيجية، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد بصورة عامة.
معتز خليل