في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة الأمريكية لنزع الطاقة النووية، من بعض الدول التي لم تصل حتى الآن إلى تصنيع أسلحة نووية “حفاظاً على الأمن العالمي”، تفتح الأفق أمام دول أخرى للاستمرار ببرنامج تسليحها النووي بطريقة غير شرعية.
حيث كشفت مجلة “نيويوركر” الأمريكية في تحقيق جديد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقع على رسالة يلتزم خلالها بأنه لن يطلب من الكيان الإسرائيلي نزع سلاحه النووي مقابل أن يستمر الكيان في سياسة الغموض التي يتبعها بالموضوع.
وحاء في التحقيق: “أن مسؤولين إسرائيليين كبار زاروا البيت الأبيض في 13 شباط الماضي عندما طلبوا مناقشة رسالة سرية، والتي هي فعلاً استمرار للرسائل السابقة التي وقعها رؤساء أمريكيون سابقون وتتضمن إعلان بأن الأمريكيين يلتزمون بعدم التدخل في ترسانة “إسرائيل” النووية التي تمتلكها بطريقة غير شرعية، وفقاً لمنشورات أجنبية”.
وورد أيضاً أن سفير الكيان “رون درمر” طالب بالحصول على توقيع ترامب، والإدارة الأمريكية أرادت الامتثال للطلب، لكن وفقاً للتحقيق فإن البيت الأبيض فوجئ بالإلحاح الإسرائيلي ولم يعرف أن هناك رسائل أخرى وقعها رؤساء سابقون، ففي تلك الفترة كان الأمريكيون منشغلين بقضايا أخرى مثل استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين الذي تورط بقضية التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية.
وذكر التحقيق أن أحد المسؤولين الأمريكيين استشاط غضباً من الإلحاح الإسرائيلي وقال: “هذا بيتنا”، لكن مع ذلك وقع الرئيس ترامب على الرسالة.
ويشار إلى أن الرئيس ترامب ليس الرئيس الأمريكي الأول الذي يوقع على مثل هذه الرسالة، حيث سبقه كل من الرئيس ريتشارد نيكسون، بيل كلينتون، وجورج بوش الابن وباراك أوباما.
وقال المؤرخ افنر كوهين، المتخصص بالبرنامج النووي وله كتابين عن البرنامج النووي الإسرائيلي، للمجلة الأمريكية أنه في عام 1969 توصلت رئيسة حكومة الكيان الإسرائيلي في حينه “غولدا مائير” إلى تفاهمات شفهية مع الرئيس ريتشارد نيكسون بألا تقوم “إسرائيل” بالإعلان عن الترسانة النووية، وألا تقوم بتجارب نووية، وإن استخدمت سلاحها النووي، فالأمريكيين لن يضغطوا على “إسرائيل” حتى تنزع سلاحها.
وقال كوهين: “إن هذه السياسة استمرت مع الرؤساء جيرالد فورد، جيمي كارتر ورونالد ريغن، والذين التزموا شفهياً بعدم تغيير هذه التفاهمات”.
وفي عام 1991 خلال حرب الخليج، شعر المسؤولون في “إسرائيل” بأن عليهم الانتقال من الالتزام الشفوي إلى الالتزام المكتوب وذلك بعد أن صرح الرئيس الأمريكي جورج بوش في حينة بأن الدول العظمى ناقشت إمكانية جعل الشرق الأوسط نظيفاً من سلاح التدمير الشامل، بما يشمل السلاح النووي، بسبب نتائج الحرب.
الرسالة الأولى وقعت في عام 1998 من قبل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون خلال اتفاقات “واي” حين تولى بنيامين نتنياهو رئاسة حكومة الكيان في تلك الفترة أيضاً.
وبحسب مسؤولون أمريكيون سابقون، الرئيس كلينتون وعد بألا تكون هناك أية مبادرة أمريكية لإلزام “إسرائيل” بنزع سلاحها النووي، وتلاه الرئيس جورج بوش الابن الذي وقع على الاتفاق أيضاً.
ومع بداية ولاية باراك أوباما عام 2009 ، بدأت المخاوف لدى نتنياهو، وبحسب التحقيق فإن نتنياهو كان قلق جداً، وقال مسؤول إسرائيلي لـ”نيويوركر”: “إن الجميع كانوا غاضبين”.
وفي شهر نيسان في نفس العام، ألقى “نتنياهو” خطاباً في براغ، وجاء فيه أن الالتزام الأمريكي يكمن في عالم خال من السلاح النووي.
وأشار التحقيق وفقاً لمسؤول امريكي سابق إلى أن مستشاري أوباما فهموا كم كان نتنياهو متذمراً من إمكانية أن يأخذ أوباما الأسلحة النووية من “إسرائيل”.
وقال المسؤول الأمريكي: “بالطبع لم تكن هذه نيتنا” وبعد شهر وقع أوباما على الرسالة.