خاص|| أثر برس زارت وفود أهلية ودينية من لبنان مدينة طرطوس السورية لمواكبة حدث غرق القارب الذي تشير المعلومات التي أوردها بعض الناجين إلى أنه كان يحتوي على 146 شخصاً، لكن الرقم قابل للزيادة أو النقصان بعدد قد لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة، وحتى منتصف ليل الأحد، عرف مصير 118 من ركاب المركب، بواقع قسمهم بين 98 جثماناً و20 ناجٍ حي، ما يعني أن تعداد المفقودين ومجهولي المصير بات بحدود 30 شخصاً، لا يتوافر حالياً أي معلومات عن هويتهم.
توجيهات القيادة السورية بمستويات عليا، كانت بالعمل على إيصال أي جثمان يتم التعرف عليه والتثبت من هويته إلى ذويه أياً كان مقر إقامتهم، وتفيد مصادر طبية لـ “أثر برس”، بقيام الهلال الأحمر السوري بنقل مجموعة من الجثامين على دفعتين إلى محافظة إدلب التي تخضع لسيطرة المجموعات المسلحة، وقد قامت إدارة مشفى الباسل في مدينة طرطوس بتأمين السيارات المبردة لزوم نقل 15 جثماناً، فيما نقل عدد إضافي من جثامين الضحايا إلى محافظة اللاذقية.
عمليات البحث مستمرة من قبل فرق الإنقاذ السورية، فيما يقذف موج البحر بالجثامين تباعاً إلى الشاطئ أو الجزر غير المأهولة في طرطوس، فيما يؤكد مدير عام مشفى الباسل الدكتور إسكندر عمار خلال حديثه لـ “أثر برس”، أن جميع الناجين تم تخريجهم من المشفى بحالة صحية ممتازة بعد خضوعهم للعلاج بما في ذلك من احتاجوا للعناية المشددة.
يوضح عمار، أيضاً أن التعامل مع الجثامين التي تصل إلى المشافي السورية، يبدأ من فحصها من قبل هيئة الطب الشرعي ومجموعة من القضاة والجنائية، والتي تقوم بالكشف الطبي والشرعي على الجثامين، مع أخذ لصاقة وعينة DNA للاحتفاظ بها للمستقبل، ومسح أوصاف الجثامين بالكامل، فيما يقوم قسم الأدلة الجنائية بأخذ صور للضحايا تضاف للأضابير الخاصة بكل منهم، ولكل إضبارة رقم لأن غالبية الجثامين تم العثور عليها بدون إيجاد أي أوراق ثبوتية، وبعد إتمام الإجراءات تنقل إلى البراد الرئيسي الخاص بالمحافظة للاحتفاظ بها لأطول فترة ممكنة، وحال حضور أي من الأهالي بحثاً عن مفقود، ستعرض عليه صور الضحايا وإذا ما تم الاشتباه بصورة قد تكون لمن فقده، سيتم نقله إلى مركز تجميع الجثامين ليتم التأكد بشكل نهائي، مع وجود توجيهات عليا بأن يتم تسهيل عملية تسليم جثامين الضحايا لذويهم.
تنفي مصادر “أثر برس” بشكل قطعي الشائعات عن اعتقال أي من الناجين السوريين لأسباب أمنية، وتقول المعلومات أن كل الناجين السوريين دخلوا الأراضي اللبنانية بطريقة نظامية، مع تأكيد أن القارب كان يحمل ركاباً من ثلاث جنسيات هي السورية واللبنانية والفلسطينية، فيما تضاربت المعلومات التي أوردها الناجون حول وجهتهم، وتوزعت بين قبرص – اليونان – إيطاليا، كما إن قيمة ما دفعوه للمهربين حسب ما قدموه من معلومات تراوحت بين 7-15 ألف دولار.
العبور الخطر:
شبكات تهريب البشر تنشط في الشمال السوري أيضاً، فالوصول إلى الأراضي التركية، يعد الخطوة الأولى في رحلة تحقيق “الحلم الأوروبي”، ويتفاوت سعر تهريب الفرد من سوريا إلى تركيا حسب المنطقة التي يرغب بالعبور منها، أو الوسيلة التي يريدها، والطريقة الآمنة هي من خلال شبكات تنشط بريف حلب الشمالي الغربي وتحديداً في مناطق مثل “الشيخ حديد – عفرين”، وتقول مصادر أهلية متعددة لـ “أثر برس”، إن هناك نوعان من المهربين، الأول مضمون ويتقاضى مبالغ تتراوح بين 3-4 آلاف دولار عن الشخص الواحد، وهؤلاء ينسقون رحلات التهريب بسيارة مباشرة إلى الأراضي التركية مع دوريات محددة من حرس الحدود المعروف باسم” جندرما”، إذ ينسق المهرب مع رئيس الدورية مقابل رشاوى تصل حد 75 بالمئة مما يتقاضاه المهرب عن كل شخص، فيما النوع الثاني من المهربين يتقاضى ما بين 800-1200 دولار عن كل شخص، لنقلهم عبر طرق زراعية أو أنفاق تتجاوز الحدود لما بعد خطر حرس الحدود التركي “الجندرما” التي تطلق النار بشكل مباشر على أي تحرك غير منسق معها، وتعتدي بالضرب الشديد على من يتم إلقاء القبض عليه ما قد يؤدي لموت المعتقل.
بحسب ما أحصاه “أثر برس”، فإن تعداد ضحايا رصاص “جندرما”، من المدنيين خلال العام الحالي بلغ 39 من بينهم 5 أطفال، وذلك ضمن حوادث متفرقة كان أخطرها في أيار الماضي، بإطلاق الرصاص بدون إنذار مسبق على ما يقارب 20 شخصاً كانوا يحاولون اجتياز الشريط الحدودي غرب ناحية “جنديرس”، بريف حلب، وتفيد معلومات متقاطعة أن تعداد المصابين منذ بداية العام الحالي برصاص “جندرما”، زاد عن 800 موزعين بين محاولين لاجتياز الحدود وآخرون أثناء تأدية أعمال زراعية قرب الشريط الحدودي.
مركز توثيق انتهاكات الشمال الذي يظهر نوعاً من الولاء لـ”قوات سوريا الديمقراطية-قسد” يقول في إحصائياته أن تعداد السوريين الذين قضوا بنيران جندرما خلال السنوات الخمس الماضية بلغ 583 شخصاً، بينهم (103 طفلاً دون سن 18 عاماً، و67 امرأة)، وهذا الرقم حتى تاريخ 22 أيلول 2022.
كما ارتفع عدد الجرحى والمصابين بطلق ناري أو اعتداء إلى 2132 شخصاً وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان يقول إن تعداد الضحايا ممن حاولوا عبور الحدود التركية وقضوا بنيران “الجندرما”، يقف عند 510 منذ العام 2011، ومن بينهم 92 طفلاً دون الثامنة عشرة، و 45 امرأة.
لا يوجد إحصائيات دقيقة لعدد من قضوا عند الحدود التركية، وتقول مصادر أهلية تفضل عدم الكشف عن هويتها أن في مدينة عفرين ومحيطها عدد كبير من الأسر العالقة التي كانت فشلت بالوصول من مناطق شرق سوريا إلى تركيا، وهؤلاء وجدوا أنفسهم بعد أن تخلى عنهم المهربون وقد تحولوا إلى سكان يبحثون عن فرص عمل بعد أن نفذت مدخراتهم للرحلة نحو أوروبا بسبب تكاليف المعيشة الباهظة وسط تحكّم فصائل أنقرة بالحياة وفقاً لأهواء قادتها ومصالحهم.
قافلة النور.. اختفت:
بشكل مفاجئ قرر منظموا “قافلة النور”، إغلاق قناتهم على برنامج “تلغرام” التي كانت تعمل على تنسيق وجمع أسماء 100 ألف شخص لتنظيم رحلة مضمونة سيراً على الأقدام من تركيا نحو أوروبا، وتفيد معلومات حصل عليها “أثر برس”، أن “الائتلاف المعارض”، الذي كان يدعم الرحلة لتحويل مسألة اللجوء لورقة ضغط على الحكومة التركية وأوروبا في آن معاً لعرقلة مسار أي تقارب بين دمشق وأنقرة، هو من وجّه بوقف الرحلة بعد تلقيه أوامر من المخابرات التركية بذلك، وقد فشل الائتلاف بتحصيل مواعيد لمنظمي الرحلة مع مسؤولي المنظمات الأممية لضمان فتح الطرقات أمام من سجلوا أسماءهم دون تعرضهم لأي عائق من سلطات الدول الأوروبية التي كان من المفترض أن تمر بها القافلة خلال رحلة العبور.
وكان منظمو القافلة قد سجلوا فعلياً 25 ألف اسم للمشاركة في رحلتهم، ولم يفلح تعداد كبير من السوريين القاطنين حالياً في إدلب بالعبور إلى تركيا من “باب الهوى”، للمشاركة في هذه القافلة بنتيجة قيام الجهاز الأمني التابع لتنظيم “جبهة النصرة”، بإغلاق المعبر واستخدام العنف لتفريق من تجمعوا قبل أسبوعين بهدف العبور.
محمود عبد اللطيف