خاص|| أثر برس شهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس خلال اليومين الماضيين هطولات مطرية غزيرة مصحوبة بصواعق رعدية شديدة خاصة في مدينة جبلة، الأمر الذي استغربه البعض بوصفه جاء مبكراً هذا العام خاصة أن مشاهد الصواعق اعتيادية في “عز الشتاء” وليس في أول أيام فصل الخريف، فيما دعا البعض الآخر إلى عدم استغراب أي ظواهر جوية في ظل التغيّر المناخي الذي بات حديث العامة.
أستاذ علم المناخ في جامعة تشرين الدكتور رياض قره فلاح أكد لـ”أثر” أن الهطولات المطرية الغزيرة خلال اليومين الماضيين أمر طبيعي جداً ومن المتوقع حدوثها خلال أول يوم في فصل الخريف، إذ لا توجد مواعيد ثابتة لهطول الأمطار، وإنما تخضع لظروف معينة وهي ارتفاع درجات الحرارة، شارحاً أن ارتفاع درجات الحرارة مترافقاً مع قدوم رياح باردة يؤدي إلى تغيّر الطقس وتبرده ما يؤدي لهطول الأمطار.
وبيّن قره فلاح أن هذه الأمطار ليست نتيجة منخفض، فالمنخفضات لها أوقاتها الثابتة وتأتي خلال فصل الشتاء وتؤثر فعاليتها الجوية على عموم البلاد، لكن الأمطار التي حدثت يطلق عليها تسمية أمطار محلية تهطل فقط فوق المكان الذي يحدث فيه تبخر من مياه البحر، وهذا يفسر الهطولات فوق المنطقة الساحلية، موضحاً أنه بعد ارتفاع درجات الحرارة عندما تأتي أول فرصة لتبرّد الطقس تحدث الهطولات المطرية مباشرة، بسبب ارتفاع درجة الحرارة وتسخين مياه البحر الذي يؤدي إلى زيادة التبخر، والتكاثف وبالتالي هطول المطر في المكان الذي تتبخر فيه المياه وتتكاثف.
وبحسب قره فلاح، الأمطار المحلية الناجمة عن اضطراب جوي موجودة في فصلي الربيع والخريف بالدرجة الأولى، ومن الطبيعي بآخر فصل الصيف ومع انخفاض درجات الحرارة أن يحدث تغيّر في الجو وأن يهطل المطر إذا كانت الظروف مواتية لذلك.
وأضاف: في آب الماضي، شهدنا هطولات مطرية بعد فترة شهدت فيها درجات الحرارة ارتفاعاً كبيراً، وليس غريباً أن يهطل المطر في آب الذي يعد من الأشهر الماطرة، مدللاً أنه عند قدوم المنخفض الموسمي الهندي عن طريق البحر فإنه سيمر عن طريق سوريا، وأن أي فرصة لانخفاض الحرارة ستؤدي لهطول الأمطار.
وشرح قره فلاح: ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة التبخر وبالتالي زيادة التكاثف، ولذلك فإن أي برودة في الجو تؤدي لحدوث أمطار ومن الطبيعي حدوث برق ورعد وصواعق، مضيفاً: “لو لم يكن هناك ارتفاع كبير في درجات الحرارة لكان الهطل المطري خفيف وليس بالشدة التي حدثت خلال اليومين الماضيين”، مؤكداً أن التغير المناخي حول العالم يؤدي لتغيّر درجات الحرارة وبالتالي تغير في عملية التبخر والتكاثف والهطولات المطرية، فالحرارة المرتفعة وارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل عام، أدت إلى ارتفاع درجة حرارة المياه ما أدى إلى تبخر أكثر وتكاثف أكبر في أعالي الجو، وكل ما ارتفعت الغيوم تُحدث برق ورعد وتصادم وشيء أعنف من المتوقع.
وحول ما يتم تداوله بين العامة عن شتاء مبكر وقارس، أكد قره فلاح أن ما حدث ليس مقياساً أبداً للتنبؤ بشتاء بارد، فالعلماء حول العالم أكدوا ازدياد التسخن حول العالم، مشيراً إلى أن كانون الثاني عام 2023 كان الأكثر حرارة مقارنة بنظيره عبر التاريخ، وأيضاً شباط 2023، ما يعني أن متوسط الحرارة آخذ بالارتفاع، مبيناً أنه في علم المناخ يتم احتساب عدد أيام الصقيع خلال الشتاء أي التي تنخفض فيها درجة الحرارة تحت درجة حرارة صفر مئوية، وخلال الدراسات تبين أن أيام الصقيع تتراجع بشكل كبير، إذ تمر أيام برد ولكن ليست صقيع، مؤكداً أن عامي 2023-2024 الأعلى حرارة.
وبحسب توقعات قره فلاح للشتاء القادم، فرجح أن تكون موجات البرد القارسة على الحد الأدنى لأن مسار الشتاء باتجاه الأكثر حرارة، مضيفاً: “أتوقع اتجاه الشتاء القادم نحو الدفء، بغض النظر عما سنشهده من هطولات مطرية غزيرة”.
حسن العبودي